للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيكن، وألبرتس مجنس، ونقولاس الكوزائي Nicholas of Cusa، وتعلم الشيء الكثير من اختلاطه بلوكا بتشيولي Luca Pacioli، وماركنتونيو دلا توري وغيرهم من أساتذة جامعة بافيا، ولكنه كان يعرض كل شيء على محك تجاربه، ويقول، ((كل من يعتمد على المراجع في مناقشة الأفكار إنما يعمل بذاكرته لا بعقله)) (٦٣). وكان أقل مفكري عصره غموضاً وخفاء، ورفض تصديق الكيمياء الكاذبة والتنجيم، وكان يرجو أن يحين الوقت الذي ((يحصى فيه جميع المنجمين)) (٦٤).

وحاول أن يجرب نفسه في العلوم كلها تقريباً، فأخذ يدرس الرياضيات في حماسة بالغة لأنه وجدها أنقى صورة من صور التفكير والاستدلال، وكان يشعر بشيء من الجمال في الأشكال الهندسية، ورسم بعضها في نفس الصفحة التي كان يدرس فيها صورة العشاء الأخير. وقد عبر تعبيراً قوياً عن مبدأ من مبادئ العلم الأساسية حين قال: ((لا تكون حقيقة حيث لا يستطيع الإنسان أن يطبق علماً من العلوم الرياضية أو أي واحد من العلوم التي تقوم عليها)) (٦٦)؛ وردد في فخر صدى قول أفلاطون: ((فليمتنع غير العالم الرياضي عن قراءة عناصر كتابي)) (٦٧).

وقد افتتن بعلم الفلك، وعرض ((يصنع منظاراً يرى به القمر كبيراً)) (٦٨)، ولكن يبدو أنه لم يصنعه، وكتب في ذلك يقول: ((إن الشمس لا تتحرك … وليست الأرض في مركز دائرة الشمس، ولا هي في مركز الكون)) (٦٩) و ((للقمر في كل شهر شتاء وصيف)) (٧٠). وله بحث دقيق في البقع السوداء التي تظهر على القمر، ويعارض من هذه الناحية آراء ألبرت السكسوني (٧١). وقد اهتدى ببعض آراء ألبرت هذا فقال أنه لما كانت ((كل مادة ثقيلة تحدث ضغطاً إلى أسفل، ولا يمكن أن تبقى معلقة إلى ما شاء الله، فإن الأرض كلها يجب أن تكون كروية)) وستغطى آخر الأمر بالماء (٧٢).