ساكنة في شوارعها الضيقة، وأبراجها المتصدعة، حتى إذا كان عام ١٩٢٨ حولت إيطاليا تلك المدينة إلى أثر قومي، واحتفظت بها بوصفها صورة نصف حية لما كانت عليه الحياة في العصور الوسطى.
وكانت أرتسو، القائمة على بعد أربعين ميلاً من فلورنس تجاه منبع الآرنو، بقعة حيوية في شبكة الحصون الدفاعية عن فلورنس ومسالكها التجارية. وكان مجلس السيادة الفلورنسي شديد الرغبة في السيطرة عليها، وينصب الفخاخ لإيقاعها تحت هذه السيطرة، فلما كان عام ١٣٨٤ اشترت فلورنس هذه المدينة من دوق أنجو Anjou، ولم تنس أرتسو قط هذه المهانة. وفيها ولد بتراراك وأريتينو Aretino، وفارساى، ولكنها عجزت عن الاحتفاظ بهم، لأن روحها كانت لا تزال هي روح العصور الوسطى. وقد ذهب لوكا اسبنيلو Luca Spinello، ويسمى هو أيضاً أريتينو Aretino، من أرتسو ليصور في رسوم الميدان المقدس في بيزا مظلمات حبة جميلة تنبض بصدمات المعارك الحربية (١٣٩٠ - ١٣٩٢)، ولكنها تمثل فيما تمثله المسيح ومريم والقديسين تمثيلا ينطق بعظيم التقوى المؤثرة في النفس أعظم التأثير. وقد صور لوكا - إذ جاز لنا أن نصدق فارساي - الشيطان بصورة قبيحة منفرة بلغ من قبحها أن غضب منه الشيطان نفسه فظهر له في حلم وأخذ يؤنبه بعنف مات معه لوكا من شدة الرعب. وفي الثانية والتسعين من العمر (٢).
وكانت بلدة بورجو سان سبيلكرو Borgo San Sapolcro تقع على نهر التيبر الأعلى في الشمال الشرقي من أرتسو، وبدا أنها اصغر من أن ينشأ فيها فنان من طراز راق أو أن يقيم بها مثل هذا الفنان. وكان من أبنائها بيرو دي بينيدتو الذي سمى فرانتشيسكا باسم أمه، لأن والده توفي وهي حامل به، فربته في حب وحنان، وهدته إلى تعلم الرياضيات والفن، وأعانته على تعلمهما. ونحن نعلم أنه ولد في بلدة الضريح المقدس، ولكنا نجد