الخيول المطهمة، والماشية المطرقة، والحمر المدملجة، والكلاب اليقظة، وصورة لمريم جميلة، كلها مركزة حول طفل رضيع فنان، يضع يده الفاحصة على رأس ملك أصلع. وتلك صورة رائعة، زاهية اللون، منسابة الخطوط، ولكنها تكاد تكون بدائية في خلوها من فن المنظور، وتمثيل القرب والبعد، واستدعى البابا مارتن الخامس جنتيلي إلى روما، حيث أنشأ بعض المظلمات في سان جيوفني لاتيرانو San Giovanni Laterno، وقد اختفت هذه المظلمات، ولكننا نستطيع أن نحدس ما كانت عليه من تحمس روجيير فان درويدن، فقد أعلن حين رآها أن جنتيلي أعظم المصورين في إيطاليا (٩). وأنشأ جنتيلي في كنيسة سانت ماريا نوفا مظلمات أخرى لم يعد لها وجود، منها واحد أنطق ميكل أنجيلو بقوله لفارساي انه "كانت له يد شبيهة باسمه"(١)(١٠)، وتوفي جنتيلي في روما عام ١٤٢٧ في عنفوان مجده.
وحياته شاهدة بأن أميريا التي ينتمي إليها من الناحية الثقافية كانت تنجب عباقرتها وطرازها الخاص في الفن. ولكن المصورين الأمبريين كانوا بوجه عام يهتدون بهدى سينا، ويواصلون الجري على النزعة الدينية دون انقطاع من دوتشيو Duccio إلى بيروجينو والشطر الأول من حياة روفائيل. وكانت اسيسي المنبع الروحي للفن الأمبري. ذلك أن كنائس القديس فرانسس والقصص التي كانت تروي عنه قد أذاعت في الأقاليم المجاورة لتلك البلدة نزعة دينية قوية سيطرت على الفن كما سيطرت على العمارة، وعارضت الموضوعات الوثنية أو الموضوعات غير الدينية التي كانت تغزو الفن الإيطالي في بلدان أخرى، ولهذا قلما كانت تطلب صوراً من المصورين في أمبريا، وإن كان بعض الأفراد إذا ادخروا طوال حياتهم شيئاً من المكال قد يطلبون عادة إلى فنان محلي أن يرسم صورة للعذراء