وأقدم آلهة ذكرتها "أسفار الفيدا" هي قوى الطبيعة نفسها وعناصرها: السماء والشمس والأرض والنار والضوء والريح والماء والجنس (٦٢)، فكان ديوس (وهو زيوس عند اليونان، وجوبتر عند الرومان)، أول الأمر هو السماء نفسها، كذلك اللفظة السنسكريتية التي معناها مقدس، كانت في أصلها تعني "اللامع" فقط، ثم أدت هذه النزعة الشعرية التي أباحت لهم أن يخلقوا لأنفسهم كل هذا العدد من الآلهة، إلى تشخيص هذه العناصر الطبيعية، فمثلاً جعلوا السماء أباً، وأسموها "فارونا"؛ وجعلوا الأرض أماً، وأطلقوا عليها اسم "بريثيفي"، وكان النبات هو ثمرة التقائهما بوساطة المطر (٦٣)، وكان المطر هو الإله "بارجانيا"، والنار هي "آجني"، والريح كانت "فايو"، وأما إن كانت الريح مهلكة فهي "رودْرا"، وكانت العاصفة هي "إندرا"، والفجر "أوشاس"، ومجرى المحراث في الحقل كان اسمه "سيتا"، والشمس "سوريا" أو "مترا" أو "فشنو"؛ والنبات المقدس المسمى "سوما"، والذي كان عصيره مقدساً ومسكراً للآلهة والناس معاً، كان هو نفسه إلهاً يقابل في الهند ما كان "ديونيسوس" عند اليونان، فهي الذي يوحي الإنسان- بمادته المنعشة- أن يفعل الإحسان ويهديه إلى الرأي الثاقب، وإلى المرح، بل يخلع على الإنسان حياة الخلود (٦٤).
ولما كانت الأمة كالفرد تبدأ بالشعر وتنتهي بالنثر، فقد تحول كل شئ لمّا أصبحت الأشياء في أعين الناس أشخاصاً، إذ أصبحت صفات الأشياء أشياء قائمة بذاتها، وباتت نعوتها بمثابة الأسماء، والعبارات التي تجري مجرى الحكمة أصبحت آلهة، والشمس التي تهب الحياة انقلبت إلهاً جديداً اسمه "سافيتار واهب الحياة"، وأما ضوءها فإله آخر اسمه "فيفاسفات" أي الإله