بالصور الدقيقة ينتجون فيها، كما ينتج أمثالهم في غيرها من المدن، أعمالاً ذات روعة وجمال تستوقف العين وتسرها أطول مما تستوقفها وتسرها كثير من الصور الذائعة الصيت؛ وقد احتفظ قصر الاسكفانويا بعدد من هذه الدرر وبالخط اليدوي الجميل. وكذلك استقدم نقولو الثالث ناسجي الطنافس من بلاد فلاندرز؛ وكان فنانو فيرارا يقدمون لهم ما يحتاجونه من الرسوم؛ وازدهر هذا الفن الذي يتطلب كثيراً من الصبر والأناة على يد ليونيلو وبروسو؛ وكانت الطنافس التي ينتجها هؤلاء الناسجون تزدان بها جدران القصر، وكانت تعار إلى الأمراء والأعيان في بعض الاحتفالات الخاصة. وكذلك كان الصائغون لا ينقطعون عن العمل في صنع الآنية الكنيسة، وحلي الأفراد، من ذلك أن اسبيرانديو Sperandio من أهل مانتوا، وبيزانيلو من أهل فيرونا قد نقشا هنا عدداً من المدليات الكبيرة تعد من أجمل ما أخرجته النهضة.
وآخر ما نذكره من هذه الفنون وأقلها شأناً في تلك المدينة فن النحت. ونذكر من رجاله كرستوفورو دا فيرندسا Crislofora da Firenza، ونقولو بارنتشلي Niccolo Baroncelli، وقد صنعا تمثالاً لنقولو الثالث على صهوة جواده وكان لأولهما تمثال الرجال ولثانيهما تمثال الجواد. وأقيم التمثال في عام ١٤٥١ قبل أن يقيم دوناتيلو تمثال جتا متلاتا في بدوا بعامين. ثم وضع إلى جواره في عام ١٤٧٠ تمثال من البرنز للدوق بورسو، وهو جالس جلسة هادئة خليقة برجل السلام. وحطم هذان التمثالان في عام ١٧٩٦ بأيدي الثوار الذين زعموا أن التماثيل البرنزية رمز للاستبداد والظلم. فصهروها وصنعوا منها مدافع ليضعوا بها حداً للاستبداد ولجميع الحروب، وزين ألفنسو لمبادري غرف المرمر في القصر بكثير من التماثيل؛ ثم فعل ما فعله كثيرون من فناني فيرارا فآوى إلى بولونيا، حيث نجده بعد ذلك في أوج مجده. لقد كان بلاط فيرارا بأفكاره، وأذواقه، وأجوره أضيق من أن يحول ثروة المدينة الفانية إلى فن خالد.