رهبة، ولم يبال بلعناتها وقرارات حرمانها، وظل يرحب باللاجئين من المتشككين المتبصرين (حتى عام ١٥٢٧)(٢٣)، ووجه أشد اللوم لأحد الرهبان لأنه هاجم يهودياً (١٥١٢)، وحاول أن يجعل الكنيسة في البندقية من أملاك الدولة؛ فكان هو الذي يختار الأساقفة لأبرشيات البندقية، ثم يعرضهم على روما لتوافق على اختيارهم؛ وكثيراً ما كان تعيينهم يتم فعلاً وإن رفضت روما الموافقة على اختيارهم. ولم يكن أسقف يعين في أسقفية بندقية بعد عام ١٤٨٨ إلا إذا كان من أهل البندقية نفسها، ولم يكن يسمح لأحد من رجال الكنيسة في البندقية أو أملاكها بأن يجمع إيراداً لها أو ينفقه في مصالحها إلا إذا كانت الحكومة قد وافقت على تعيينه. وكانت الكنائس والأديرة خاضعة للتفتيش عليها من قبل الدولة؛ ولم يكن من حق أحد من رجال الكنيسة أن يتولى منصباً عاماً (٢٤). وكان ما يوصى به للأديرة أو مؤسساتها يؤدي ضريبة للدولة، وكانت المحاكم الكنسية تفرض عليها رقابة شديدة لكي تتأكد الدولة من أن المذنبين من رجال الدين يعاقبون بما يعاقب به غيرهم. وظلت الجمهورية زمناً طويلاً تقاوم دخول محكمة التفتيش في المدينة، ولما سلمت بذلك آخر الأمر جعلت تنفيذ أحكام محكمة التفتيش في البندقية مشروطاً بمراجعة لجنة من مجلس الشيوخ والموافقة عليها؛ وبهذا لم تصدر هذه المحكمة إلا ستة أحكام بالإعدام في تاريخ محكمة التفتيش بمدينة البندقية بأجمعه (٢٥). وأصرت الحكومة في كبرياء على أنها في المسائل الزمنية ((لا تعترف بسلطة عليا إلا سلطة الجلالة القدسية)) (٢٦)؛ وكانت تنادي جهرة بالمبدأ القائل أن مجلس عاماً من أساقفة الكنيسة أعلى سلطة من البابا، وإن أحكام البابوات يمكن أن تستأنف إلى مجلس يعقد بعد صدورها. وأيدت الدولة ذلك حين صب البابا سكستس الرابع اللعنة على المدينة (١٤٨٣) فما كان من مجلس العشرة إلا أن أمر جميع رجال الدين بأن يواصلوا خدماتهم كما اعتادوا قبل؛ ولما جدد يوليوس الثاني اللعنة واتخذها جزءاً من الحرب التي شنها