واللوحات المنقوشة الغائرة في السقف، والرسوم الجدارية التي صورها رجال طبقت شهرتهم الخافقين. من ذلك أن قصر فسكاري قد زين برسوم ملونة من صنع جيان بليني، وتيشيان، وتنتوريتو، وباريس بردوني Paris Bordone، وفيرونيز. وربما كان في هذه الحجرات من الفخامة أكثر ما فيها من أسباب الراحة، فأظهر الكراسي مستقيمة أكثر مما ينبغي، والنوافذ تسبب بوضعها تيارات الهواء، وما بها من وسائل التدفئة لا يدفئ جانبي الحجرة أو جانبي الإنسان في وقت واحد.
ولكن في البندقية قصور أنفق على الواحد منها مائتا ألف دوقة، وسن قانون في عام ١٤٧٦ أريد به تحديد نفقاتها بمائة وخمسين دوقة للحجرة الواحدة، ولكننا نسمع بعدئذ عن حجرات أنفق على تشييدها وتأثيثها ألفا دوقة. وأكبر الظن أن أعظم هذه القصور زينة كان هو بيت الذهب Ca,dOro الذي سمي بهذا الاسم لأن صاحبه مارينو كنتاريني Marino Contarini أمر بأن يغطى كل إصبع من واجهته الرخامية أو ما يقرب منه بالنقوش التي كان معظمها مطلياً بالذهب. ولا تزال شرفاته وزخارفه القوطية الطراز تجعل هذه الواجهة أجمل الواجهات المطلة على الفناء.
وبينا كان هؤلاء الرجال واسعوا الثراء يجملون بيوتهم ويؤثثونها بأفخم الأثاث، فأنهم لم يكونوا يضنون ببعض المال لتشييد الكنائس الفخمة التي كانوا يلجئون إليها بأرواحهم في بعض الأحيان. ومن عجب أن كنيسة القديس مرقس لم تكن قبل عام ١٨٠٧ كنيسة البندقية الكبرى، بل كانت من الوجهة الرسمية الكنيسة الخاصة بالدوج ومزار قديس المدينة المشفع فيها، فكانت والحالة هذه ملكاً لدين الدولة إذ صح هذه التعبير. وكان كرسي الأسقفية ملحقاً بكنيسة أصغر منها هي كنيسة سان بيترو دي كاستيلو San Pietro di Castello القائمة في الركن الشمالي الشرقي من المدينة. وكان مركز الرهبان الدمنيك في هذا الجزء القاصي نفسه، في كنيسة سان جيوفني إي باولو