لراحته الجسمية الكاملة إلا أن يتخلص من ذلك الإسراف في الاهتمام به، وهذه الصورة الخشنة الفجة التي تمثل دفن المسيح - والتي لا يعرف تاريخها - من الصور التي رسمها بليني في شبابه على طراز منتينيا. وأجمل من هذه وأجلب للسرور صورة القديس جستينا وهي إحدى الصور في مجموعة خاصة بميلان. وهي أيضاً صورة تحكم فيها العرف ولكنها رقيقة المعارف، تنخفض جفونها في حياء، عليها ثياب رائعة، مما جعلها من أكثر جهود جيان نجاحاً. ويبدو أنها كانت لسيدة من الأحياء، ولقد برع جيان وقتئذ في تصوير وجوه الأحياء ونفوسهم براعة جعلت الكثيرين من أنصار الفن يرجون أن يشاركوه في خلود ذكراه. أنظر مرة أخرى إلى صورة الدوج لوردانو. لقد استطاع بليني بعمق فهمه، ونفاذ بصره، ومهارة يده، أن يستوعب قوة الرجل الصافية، الغير مترددة التي أمكنته من أن يقود شعبه إلى النصر في حرب حياة أو موت ضد هجمات الدول الكبرى في إيطاليا وفي أوربا شمالي جبال الألب جميعها إلا القليل منها، ثم هاهو ذا جيوفني ينافس ليوناردو الذي كان وقتئذ يطغي عليه في مهارته وشهرته، فيحاول أن يرسم مناظر طبيعية مختلفة غريبة كتلك المجموعة المختلطة من الصخور، والجبال، والقلاع، والضأن، والماء، والأشجار المنشقة، والسماء الغائمة التي يواجهها القديس فرنسيس في هدوء (في مجموعة فرك Frich) حين يكوى بالنار.
ولما بلغ الفنان سن الشيخوخة مل تكرار الموضوعات المقدسة المعتادة وأخذ يجرب الموضوعات الرمزية وموضوعات الأساطير القديمة، فجسد المعرفة، والسعادة، والصدق، والنميمة، والمطهر، والكنيسة نفسها، أو حولها إلى قصص، وحاول أن يبعث الحياة بالمناظر الطبيعية المغرية الفاتنة، ومن صوره اثنتان معلقتان في معرض الصور القومي بواشنجتن هما صورة اورفيوس بسحر الوحوش وصورة عبد الأرباب-