للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المالكة تتنافس في الحصول على مصنوعاتهم. وكان معظمهم يستخدمون في صنعه قالباً أو نموذجاً؛ وكان منهم من أغفل القالب، ونفخ فقاعة من الهواء في الزجاج السائح وهو ينصب في الفرن، ثم يشكلون المادة فناجين ومزهريات، وأقداحاً، وحلياً لا تحصى ألوانها ولا أشكالها، وكانوا أحياناً ينقشون سطحه بالميناء الملونة أو الذهب بعد أن أخذوا هذا الفن عن المسلمين. وكان صناع الزجاج يحرصون أشد الحرص على أن يحتفظوا في أسرهم أسرار العمليات التي وصلوا بها إلى ما وصلوا إليه من إعجاز في هذه المصوغات ذات الجمال الهش، وسنت حكومة البندقية قوانين صارمة لمنع هذه الدقة العجيبة من أن تتسرب معرفتها إلى الأقطار الأخرى. من ذلك ما قرره مجلس العشرة في عام ١٤٥٤ من أنه:

((إذا نقل صانع إلى بلد آخر فناً أو حرفة أضر نقلها بالجمهورية، أمر بأن يعود، فإذا لم يطع الأمر، زج أقرب أقربائه في السجن، وذلك كي يحمله تضامنه مع أسرته على أن يعود؛ فإذا أصر على عدم إطاعة الأمر، اتخذت الإجراءات السرية لقتله أينما وجد)) (٥٢).

وحدثت الاغتيالات الوحيدة المعروفة تنفيذاً لهذا القرار في فينا في القرن الثامن. لكن الصناع والفنانين البنادقة اتخذوا طريقهم فوق جبال الألب في القرن السادس عشر على الرغم من هذا القانون، ونقلوا صناعتهم إلى فرنسا وألمانيا وقدموا هدية إلى فاتحي إيطاليا.

وكان نصف صناع البندقية فنانين، فكان المشتغلون بصناعة القصدير يزينون الأطباق والصحاف الكبيرة، والأكواب، والأقداح بحافات رشيقة ورسوم نباتية جميلة. واشتهر صناع الدروع بالزرد الدمشقي، والخوذ، والرتوس، والسيوف، والخناجر، والأغماد المنقوشة بالرسوم الجميلة، كما كان غيرهم من كبار الصناع يصنعون للسيوف القصيرة مقابض من العاج مرصعة بالجواهر. وقد حفر بلدساري دجلي أمبرياكي