على أن يحكم بولونيا من ذلك الحين مجلس شيوخها، على أن يكون للرسول البابوي حق رفض كل تشريع تعارضه الكنيسة. وتبين للأهلين أن حكم البابوات أحسن نظاماً وأوسع حرية من حكم آل بينتيفجليو؛ ذلك أن البابوات لم يقاوموا الحكم الذاتي المحلي، كما أن الجامعة استمتعت بحرية علمية واسعة النطاق؛ وبقيت بولونيا ولاية بابوية اسمياً وعملياً حتى أيام نابليون (١٧٩٦).
وكانت بولونيا في عصر النهضة تفخر بعمارتها المدنية، فقد أقامت فيها نقابة التجار غرفة تجارية جميلة الشكل (١٣٨٢ وما بعدها)، وأعاد المحامون (١٣٨٤) بناء قصر رجال القانون. كذلك شاد الأشراف قصوراً جميلة مثل قصر البيفلكوا Bevilacqua الذي عقد فيه مجلس ترنت Trent جلساته في عام ١٥٤٧، وقصر بلافتشيني Pallavicini الذي وصفه كاتب معاصر بأنه "خليق بالملوك"(٣). وأنشئت لقصر البودستا Podesta ( الحاكم) الضخم، وهو مقر الحكومة، واجهة جديدة (١٤٩٢)، وصمم برامنتي درجاً حلزونية فخمة لقصر القومونية (البلدية). وكان لكثير من الواجهات عقود في مستوى الشارع، فكان في وسع الإنسان أن يسير عدة أميال في قلب المدينة دون أن يتعرض للشمس أو للمطر إلا حين يعبر الشارع من جانب إلى جانب.
وبينا كان المتشككون في الجامعة يجادلون في خلود الروح كان الشعب وحكامه يشيدون الكنائس الجديدة أو يزينون القديم منها أو يرممونه، ويأتون بالقرابين إلى الأضرحة التي تأتي بالمعجزات أملاً في الخير على أيدي أصحابها. وأضاف الرهبان الفرنسيس لكنيستهم الجميلة في سان فرانتشيسكو برجاً للجرس يعد من أجمل الأبراج في إيطاليا؛ وزين الرهبان الدمنيك كنيستهم في سان دمنيكو بمواضع للمرنمين بذل الراهب دميانو البرجامي في حفرها وتطعيمها جهداً عظيماً، واستخدموا ميكل أنجيلو في حفر