الخطوط التي تشاهد في أسلوب نحته، ولكن كان قد تعلم كيف ينفث في صوره شعوراً وهيبة، وكيف يبعث فيها الحركة، ويغرقها في ألوان يتلاعب بها فيخلع عليها الحياة. وجاء لورندسو كستا إلى بولونيا وهو غلام في الثالثة والعشرين من عمره (١٤٨٣)، وأقام بها ستة وعشرين عاماً، واتخذ له مرسماً في البيت الذي كان فيه مرسم فرانتشيا. ونشأت بين الرجلين صداقة قوية، وتأثر كلاهما بالآخر تأثراً أفاد منه الشيء الكثير، وكانا أحياناً يعملان معاً في صورة واحدة. ونال كستا ثناء جيوفني بينتيفجليو ورفده بعد أن رسم صورة ممتازة للعذراء على عرشها لتوضع في كنيسة القديس بترونيوس. ولما أن فر جيوفني عند اقتراب يوليوس الرهيب (١٥٠٦)، قبل كستا الدعوة ليخلف مانتينتا في مانتوا.
وكان فرانتشيسكو فرانتشيا في أثناء ذلك الوقت يتخذ سبيله ليصبح راس مدرسة بولونيا وتاجها. وكان أبوه ماركو رايبوليني Marco Raibolini، غير أنه لما كانت الألقاب في إيطاليا لا ضابط لها، فقد عرف فرانتشيسكو فيما بعد اسم الصائغ الذي كان يتتلمذ عليه. وظل سنين كثيرة يمارس فنون أشغال الذهب، والفضة والنَّل (١)، والميناء، والحفر. وعين بعدئذ رئيساً لدار الضرب، ونقش نقوداً لمدينة بينتيفجليو والبابوات؛ وامتازت نقوده بجمالها امتيازاً جعلها مطمع جامعي التحف، وارتفعت أثمانها ارتفاعاً عظيماً بعد موته بزمن قليل. ويصفه فاساري بأنه رجل محبوب، ظريف الحديث إلى حد يستطيع معه أن يطرد الهم عن أشد الناس حزناً واكتئاباً، وكسب محبة الأمراء والأعيان وكل من عرفه" (٤).
ولسنا نعرف سبب تحول فرانتشيا إلى فن التصوير. وكل ما نستطيع أن نقوله أن بينتيفجليو كشف عن مواهبه وعهد إليه - وهو في التاسعة
(١) ضرب من النقش في القرون الوسطى هو عبارة عن زخرفة المعادن بحفر أشكال عليها ثم ملئها بمزيج من الكبريت مضافاً إليه عدة معادن أخرى. (المترجم)