في الصورة الفخمة الرائعة المعلقة في متحف اللوفر: وهي ذات وجه قلق مفكر، وشعر أسود، وعينين هادئتين رقيقتين لم يؤت من الدهاء ما يستطيع أن يكون به دبلوماسياً ناجحاً لولا سحر استقامته وهو بلا جدال رجل فطر على حب الجمال، في المرأة والفن، وفي الأخلاق والأسلوب، مع إحساس الشاعر المرهف، وإدراك الفيلسوف.
وهو ابن الكونت كرستوفورو كستجليوني الذي كانت له ضيعة في إقليم مانتوا والذي تزوج فتاة من أسرة جندساجا تمت بصلة القرابة إلى المركيز فرانتشيسكو. وأرسل وهو في من عمره (١٤٩٦) إلى بلاط لدوفيكو في ميلان، وسر كل من فيه بطيبة قلبه، وحسن أدبه، وبراعته المتعددة النواحي في الألعاب الرياضية، والآداب، والموسيقى، والفن. ولما توفي والده ألحت عليه أمه أن يتزوج وأن يحرص على ألا تبيد سلالته؛ ولكن بلدساري Baldassare وإن كان في وسعه أن يكتب أحسن الكتابة في الحب، كان أفلاطونياً من حيث الزواج، واضطر أمه أن تنتظر سبعة عشر عاماً قبل أن ينصاع لنصيحتها. وقد انضم إلى جيش جيدوبلدو، ولم يجن من انضمامه إليه إلا كسر عقبه، وقضى فترة النقاهة في قصر الدوق بأربينو، وبقي فيه أحد عشر عاماً، مغرماً بهواء الجبال، والرفقة المهذبة، والحديث الحلو الممتع، وإلزبتا. ولم تكن إلزبتا جميلة، وكانت تكبره بست سنين، وتكاد تماثله في ضخامة الجسم، ولكن روحها اللطيفة أسرت قلبه، فكان يحتفظ بصورة لها خلف مرآة في حجرته، ويؤلف في السر أغاني في مديحها (٢٣)، وفض جيدوبلدو هذا المشكل بأن بعثه في مهمة إلى إنجلترا (١٥٠٦)؛ ولكن بلدساري انتحل أول عذر للعودة مسرعاً. وأدرك الدوق أن لا ضرر من بقائه، ورضي في سماحة وكرم أن يؤلف منهما ومن إلزبتا أسرة من