الملك يحصل على إيراد له من هذه الأراضي، ولكن كان عليه أن يدبر المال اللازم لحكومته وبلاطه من إيراد أملاكه الإقطاعية الخاصة، أو باستغلال سيطرته الملكية على التجارة إلى أقصى حد مستطاع.
وكان بيت أنجو قد أخذ يضمحل اضمحلالا سريعاً على أثر فرار الملكة جونا Joanna الأولى المرة بعد المرة، ذلك الفرار الذي انتهى عندما أمر شارل صاحب دورزو بخنقها بحبل من حرير (١٣٨٢). ولم تكن جونا الثانية حين جلست على العرش (١٤١٤) أقل طيشاً من سميتها الأولى وإن كانت وقتئذ في سن الأربعين. وتزوجت ثلاث مرات، ونفت من البلاد زوجها الثاني، وعملت في اغتيال الثالث. ولما واجهتها الثورة استغاثت بألفنسو ملك أرغونة وصقلية، وتبنته وجعلته ولياً للعهد (١٤٢٠)، وارتابت بحق في أنه يأتمر بها ليخلعها ويجلس على العرش مكانها، فتبرأت منه (١٤٢٣)، وأوصت بدولتها بعد وفاتها إلى رينيه صاحبة أنجو (١٤٣٥). وأعقبت ذلك حرب طويلة في سبيل وراثة العرش حاول فيها ألفنسو، وقد جرب الأمور في نابلي، أن يستولي على العرش. وبينما كان يحاصر جيتا إذ وقع أسيراً في يد الجنوبيين وجيء به أمام فليوماريا فيسكونتي في ميلان. وأفلح ألفنسو، بمنطق الرائع الذي لم يتعلمه في المدارس بلا ريب، أن يقنع الدوق بأن عودة الحكم الفرنسي إلى نابلي، مضافة إلى القوات الفرنسية لبتي تضغط وقتئذ على ميلان من الشمال، وجنوى من الغرب، ستوقع نصف إيطاليا بين شقي الرحى، وأن الفسكونتي سيكوم أول من يحس بوطأتها. واقتنع فلبو بمنطقه وأطلق سراحه وتمنى له عوداً سعيداً إلى نابلي. وانتصر ألفنسو بعد حروب ودسائس كثيرة، وانتهى بذلك حكم بيت أنجو في نابلي (١٢٦٨ - ١٤٤٢) وبدأ حكم بيت أرغونة (١٤٤٢ - ١٥٠٣). واتخذ هذا الاغتصاب سنداً شرعياً لغزو الفرنسيين إيطاليا في عام ١٤٩٤، وهو الغزو الذي كان المأساة الأولى في شبه الجزيرة.