تكون من قبيل "الفظائع" التي تذاع في أو قلت الحرب والتي يخترعها المؤرخون من أبناء المعسكر المعادي لمن يعزونها إليهم. فقد كان هذا الملك هو الذي عامل ليوناردو ده ميديتشي في عام ١٤٧٩ معاملة عادلة لا غبار عليها. وكادت الثورة أن تطيح به في عام ١٤٨٥، ولكنه استرد مكانه، وحكم بلاده حكماً طويلا دام ستة وثلاثين عاماً، ومات وسط مظاهر السرور العام. أما بقية قصة نابلي فموضعها في الجزء الذي سنتحدث فيه عن انهيار إيطاليا.
ولم يواصل فيرانتي الخطة التي جرى عليها ألفنسو في مناصرة العلماء، ولكنه عين رئيساً لوزرائه رجلا كان شاعراً، وفيلسوفاً، ودبلوماسياً ماهراً كل ذلك في وقت واحد، ذلك هو جيوفني بنتانوس Giovanni Pontanus. وتدرج جيوفني بمجمع نابلي العلمي، الذي أوجده بيكادلي من قبل، في معارج الرقي. وكان أعضاؤه من رجال الأدب يجتمعون في فترات معينة لتبادل الآراء ومطارحة الأشعار، وقد اتخذوا لهم أسماء لاتينية (فتسمى بنتانو باسم جفيانوس بينتانوس)، وكانوا يحبون أن يعتقدوا أنهم يواصلون بعد فترة انقطاع طويلة قاسية ثقافة روما الإمبراطورية العظيمة. وكانت طائفة منهم تكتب لغة لاتينية خليقة بأن يكتبها أدباء العصر الفضي في روما؛ وكتب بنتانوس رسائل في الأخلاق بالغة اللاتينية، امتدح فيها الفضائل التي يقال إن فيرانتي كان يتجاهلها، كما كتب رسالة بليغة في المبادئ يوصي فيها الحكام بالصفات المحببة التي ازدراها مكفيلي في كتاب الأمير بعد عشرين عام من ذلك الوقت، وأهدى جيوفني هذه الرسالة المثالية إلى تلميذه ألفنسو الثاني (١٤٩٤ - ١٤٩٥) ابن فيرانتي وولي عهده، وكان ألفنسو هذا يسير على كل المبادئ التي دعا إليها مكيفلي. وكان بنتانو يعلَّم بالشعر وبالنثر معاً، ويشرح في أشعار لاتينية سداسية الأوتاد قواعد علم الفلك الغامضة والطريقة الصحيحة لزراعة