الأقاليم ـ أن يمنحوا كل ما يترتّب على الحج للاحتفال بالعيد من غفران للذنوب وامتيازات لكل مسيحي يعترف بذنوبه، ويتوب، ثم يهب الكنيسة الرومانية المال الذي يتطلبه السفر إلى روما. ولم يكن جباة هذه الأموال رجال دين ذوي ضمائر حية نزيهة، فقد كان كثيرون منهم يعرضون الغفران دون أن يتلقّوا اعترافاً ما؛ ولامهم بونيفاس على فعلتهم، ولكنّه كان يحس بأنه ما من أحد غيره يستطيع أن يفيد من المال الذي جمع بهذه الطريقة أحسن مما يفيده منه هو، ولم "يرو بونيفاس تعطّشه إلى الذهب"(٤) كما يقول أمين سرّه وسط ما كان يعانيه من آلام الحصوة المبرحة. ولمّا أراد بعض الجباة أن يغتالوا بعض هذا المال أمر بتعذيبهم حتى يردوه إليه. ومزقت جماهير روما الغاضبة غيرهم من الجباة لأنهم سمحوا لبعض المسيحيين أن ينالوا الغفران دون أن يأتوا الى روما لينفقوا فيها نقودهم (٥). وبينا كانت الاحتفالات قائمة على قدم وساق حرضت أسرة كولنا الشعب على أن يطالب بعودة الحكم الجمهوري، فلما رفض بونيفاس هذا الطلب، قادت هذه الأسرة جيشاً مؤلفاً من ثمانية آلاف محارب هجمت بهم عليه؛ وقاوم البابا الطاعن في السن الحصار بعزيمة ماضية في سانتا أنجيلو، وانقلب الشعب على آل كولنا، وتفرق جيش المتمردين، وزج واحد وثلاثين من زعماء الفتنة في غيابة السجون. ووعد واحد منم بالعفو والابقاء على حياته إذا رضى بأن يكون جلاد الباقين؛ فرضى بهذا العمل وشنق الثلاثين الباقين ومنهم أبوه وأخوه (٦).
وشبت نار الفتنة من جديد لما مات بونيفاس واختير إنوسنت السابع لمنصب البابوية (١٤٠٤) وفر إنوسنت إلى فتيربو Viterbo وهجم الغوغاء من أهل روما بقيادة جيوفني كولنا على قصر الفاتيكان، وأعملوا فيه السلب والنهب، ولطخوا شارات إنوسنت بالوحل، وبعثروا السجلات