فيرارا في هذه الأثناء، ودعا كوزيموده ميديتشي المجلس أن ينتقل إلى فلورنس، على أن يستضيفه هو وأصدقاؤه. وتم هذا الانتقال بتلك الصورة؛ ويؤرخ بعضهم بداية النهضة الإيطالية بدخول العلماء اليونان إلى فلورنس في ذلك الوقت (١٤٣٩). وهنا تم الاتفاق على أن الصيغة التي يقبلها اليونان -وهي أن "الروح القدس يصدر من الأب عن طريق الابن (٢٢) ( ex Patre per filium Procedit) - تعني بالضبط ما تعنيه الصيغة الرومانية وهي أنه "يصدر من الأب والابن" ex Patre Filioque procedit؛ ولم يستهل شهر يونية سنة ١٤٣٩ حتى تم الاتفاق كذلك على طبيعة آلام المطهر. أما حقوق البابا في الرياسة فقد أثارت نقاشاً حاراً، حتى لقد أنذر الإمبراطور اليوناني أن ينفض المجلس. غير أن بيساريون Bessarion كبير أساقفة نيقية، وهو بطبيعته رجل مسالم يسعى إلى الصلح، استطاع التوفيق بين الطرفين إذ عثر على صيغة تعترف بسلطة البابا العامة، ولكنها تحتفظ بما كان للكنائس الشرقية وقتئذ من حقوق وامتيازات. وقبلت هذه الصيغة، ولما حل اليوم السادس من شهر يولية عام ١٤٣٩ قرأ بيساريون باللغة اليونانية كما قرأ سيزاريني باللغة اللاتينية في الكاتدرائية الكبرى التي أقام فيها بروتيلسكو منذ ثلاث سنين لا أكثر قبتها الفخمة، نقول قرأ هذا وذاك المرسوم الذي وحدت به الكنيستان، وقبل الحبران كلاهما الآخر، وخر جميع أعضاء المجلس وعلى رأسهم الإمبراطور ركعاً أمام يوجنيوس الذي كان يبدو منذ وقت قريب إنساناً طريداً مرذولا.
لكن ابتهاج المسيحية كان قصير الأجل. ذلك أنه لما عاد الإمبراطور اليوناني وحاشيته إلى القسطنطينية، قوبلوا بالإهانات والشتائم، فقد رفض رجال الدين والشعب الخضوع إلى روما. وحافظ يوجنيوس على نصيبه في هذا الاتفاق، وأرسل الكردنال سيزاريني إلى بلاد المجر على رأس جيش للانضمام إلى قوات لادسلاس Ladislas وهنيادي Hunyadi،