واحدة- الذي يكاد يكون تطبيقاً للتقابل الديالكتيكي عند هجل- هو صميم أسفار اليوبانشاد، وكثير غير هذا من الدروس نصادفه في هذه الأسفار، لكنها دروس فرعية بالقياس إلى ذلك، ففي هذه المحادثات نرى عقيدة تناسخ الأرواح قد تم تكوينها (١)، كما نرى الشقوق إلى الخلاص من هذه الدورات التناسخية الفادحة، فهذا هو "جاناكا" ملك "الفيديها" يتوسل إلى "ياجنافالكيا" أن ينبئه كيف يمكن التخلص من العودة إلى الولادة من جديد، ويجيب "ياجنافالكيا" بشرح "اليوجا"(أي رياضة النفس) فيقول: إذا اقتلع الإنسان بالتزهد كل شهوات نفسه، لم يعد هذا الإنسان فرداً جزئياً قائماً بذاته، وأمكنه أن يتحد في نعيم أسمي مع روح العالم، وبهذا الاتحاد يخلص من العودة إلى الولادة من جديد، وهنا قال له الملك الذي غلبته حكمه الحكيم على أمره، قال "أي سيدي الكريم، إني سأعطيك شعب الفيديها وسأعطيك نفسي، لنكون لك عبيداً"(١١٨)، وإنها لجنّة صارمة تلك التي يعدها "ياجنافالكيا" ذلك الملك المتبتل، لأن الفرد هناك لن يشعر بفرديته (١١٩)، بل كل ما سيتم هنالك هو امتصاص الفرد في الوجود، هو عودة الجزء إلى الاتحاد بالكل الذي انفصل عنه حيناً من الدهر، " فكما تتلاشى الأنهار المتدفقة في البحر، وتفقد أسماءها وأشكالها، فكذلك الرجل الحكيم إذا ما تحرر من اسمه وشكله، يفنى في الشخص القدسي الذي هو فوق الجميع"(١٢٠).
مثل هذا الرأي في الحياة والموت لن يصادف قبولاً عند الغربي الذي تتغلغل الفردية في عقيدته الدينية كما تتغلغل في أنظمته السياسية والاقتصادية، لكنه رأي اقتنع به الهندوسي الفيلسوف اقتناعاً يدهشك باستمراره واتصاله، فسنجد
(١) أول ما تظهر هذه العقيدة تظهر في سفر ساتاباتا من أسفار يوبانشاد حيث يكون تكرار الولادة عقاباًً تنزله الآلهة بالإنسان إذا عاش على الشر في حيات، ومعظم القبائل البدائية تعتقد أن روح الإنسان يمكن انتقالها إلى حيوان أو العكس، وربما كانت هذه الفكرة- عند سكان الهند السابقين للعنصر الآري- هي الأساس الذي بنيت عليه العقيدة في التناسخ.