بالحب الأبوي والراحة المنزلية. وقد منح بوليتيان مائتي دوقة لأنه أهدى إليه ترجمة لكتاب هيرودوت، ولكنه فيما عدا هذا قلّما كان يعبأ بالكتّاب الإنسانيين. وظل يعمل على مهل مستعيناً بغيره من الرجال لتجديد بناء روما وتجميلها، فاستخدم أنطونيو بلا يولو في بناء بيت بلفدير في حدائق الفاتيكان، واندريا مانتنيا في تصوير المظلمات في معبد مجاور لهذا البيت؛ لكنه كان في الأغلب الأعم يترك تشجيع الآداب والفنون لكبار الموظفين والكرادلة. وجرى على هذه السنّة نفسها، سنّة ترك الأمور تجري في أعنتها، فهد بشئون السياسة الخارجية إلى الكردنال دلا روفيري، ثم إلى لورندسو ده ميديتشي. وعرض المصرفي الثري أن يزوج ابنته مدالينا Maddelena ذات البائتة الكبيرة من فرانتشيسكو تشيبو ابن البابا؛ ووافق إنوسنت على هذا الزواج، وعقد حلفاً مع فلورنس (١٤٨٧)، وترك من ذلك الحين الفلورنسي المجرب المسالم يقود السياسة البابوية، واستمتعت إيطاليا بسلم دامت خمس سنين.
وحدثت في عهد جم حادثة. أشبه ما تكون بالتمثيليات المضحكة يستمتع بها أهل زمانه، وكانت من أعجب التمثيليات التي حدثت في التاريخ. وتفصيل ذلك أن بايزيد الثاني وجم ابني محمد الثاني أوقدا نار حرب داخلية بعد موت أبيهما (١٤٨١) في نزاعهما على عرش آل عثمان. ولمّا هزم جم في بروصة أراد أن ينجو من القتل بالاستسلام إلى فرسان القديس يوحنا في جزيرة رودس (١٤٨٢). وأبقاه رئيس الفرسان بيير دو بسون Pieere d'Aubusson عنده يهدد به بايزيد. وارتضى السلطان أن يؤدي إلى الفرسان ٤٥. ٠٠٠ دوقة كل عام لإنفاقها على جم في الظاهر ولكنها في الحقيقة كانت إغراء لهم على ألاّ يشجعوا جم على المطالبة بعرش السلطنة العثمانية، وألاّ يتخذوه عوناً نافعاً لهم في شن حرب صليبية مسيحية على الأتراك. وأراد دوبسون أن يضمن سلامة هذا الأسير