إلى الفاتيكان، واستمتع بركوع شارل ثلاث ركعات أمامه، وتفضل فمنعه من أن يقبل قدمي البابا، وتلقّى من الملك "طاعة" فرنسا الرسمية - أي تخليه عن جميع خططه التي كانت تهدف إلى خلع البابا. وزحف شارل على نابلي في الخامس والعشرين من يناير ومعه جم، ومات جم في الخامس والعشرين من فبراير على أثر نزلة شعبية، ويقول بعضهم إن الإسكندر الماكر سقاه بطيئاً، ولكن أحداً لم يعد يصدق هذه القصة (٢٥).
وما كاد الفرنسيون يرحلون حتى استرد الإسكندر شجاعته. وأكبر الظن أنه أيقن في ذلك الوقت أن ولايات بابوية قوية، وجيشاً صالحاً، وقائداً محنكاً لا غنى عنها لسلامة البابوات من سيطرة أصحاب السلطة الزمنية (٢٦). ولهذا عقد مع البندقية، وألمانيا، وأسبانيا، وميلان حلفاً مقدساً (٣١ مارس من سنة ١٤٩٥) هدفه في ظاهر الأمر الدفاع المتبادل ومحاربة الأتراك، ولكنه يهدف في السر إلى طرد الفرنسيين من إيطاليا. وعرف شارل السر، وارتد إلى بيزا عن طريق روما؛ وأراد الإسكندر أن يتحاشى الاصطدام به فراح إلى أرفينو وبروشيا. ولما فر شارل عائداً إلى فرنسا دخل الإسكندر روما دخول الظافرين، وطلب إلى فلورنس أن تنظم إلى الحلف، وأن تطرد منها سفنرولا صديق فرنسا وعدو البابا أو ترغمه على السكوت، وأعاد تنظيم الجيش البابوي، ووضع على رأسه جيوفني أكبر أبنائه الأحياء، وأمره أن يفتح حصون آل أرسيني الثائرة ويضمها لأملاك البابوية. (١٤٩٦). ولكن جيوفني لم يكن قائداً محنكاً فهزم في سريانو Soriano وعاد إلى روما يجلله العار، وأنغمس في الشهوات التي أدت في أغلب الظن إلى موته المبكر. لكن الإسكندر رغم هذا استرد الحصون التي بيعت لفرجينو أسيني، كما أسترد أستيا من الفرنسيين. وبدا له أنه تغلب على كل الصعاب، فأمر بنتورتشيو أن ينقش على جدران الجناح البابوي في سانت أنجيلو مظلمات تمثل انتصار البابا على الملك. وكان الإسكندر وقتئذٍ قد وصل إلى ذروة مجده.