الليل، ويراقب بجد ونشاط شئون الكنيسة في جميع أنحاء العالم المسيحي.
ترى هل كان استمساكه بالدين المسيحي تصنعاً ورياءً؟ أكبر الظن لا. ودليلنا على ذلك أن رسائله حتى التي تختص منها بجويليا مليئة بعبارات التقى التي لم تكن من مستلزمات الرسائل الخاصة (٣٨). ولقد كان هو رجل نشاط وعمل تغلبت عليه أخلاق زمانه السهلة غير المتحرجة، حتى لم يكن يرى، إلاّ في القليل النادر من الأوقات، أن ثمة تناقضاً بين حياته وبين مبادئ الأخلاق المسيحية. وكانت كمعظم الذين يستمسكون بقواعد الدين كاملة، يسلك مسلك رجال الدنيا كاملاً. ويبدو أنه كان يشعر أن البابوية في الظروف المحيطة بها في عهده تحتاج إلى حاكم سياسي لا إلى ولي من أولياء الله الصالحين. وكان يعجب بالتقى والصلاح، ولكنه كان يظن أن هذا من مستلزمات الرهبنة والحياة الخاصة، لا من صفات يضطر إلى أن يعامل في كل خطوة من خطواته طغاة، دهاة، يعملون للكسب والسلطان، أو دبلوماسيين غادرين لا ذمة لهم ولا ضمير. وانتهى به الأمر إلى اتباع جميع أساليبهم، واصطناع أكثر ما تحوم حوله الريب من حيل من سبقوه في البابوية.
واضطرته حاجته إلى المال لأداء نفقات حكومته وحروبه، فباع المناصب، واستولى على ضياع الموتى من الكرادلة، واستغل عيد سنة ١٥٠٠ أتم استغلال، فكان الإعفاء من الواجبات الدينية والإذن بالطلاق يمنحان على أنهما عملان مربحان في المساومات السياسية. مثال ذلك أن لادسلاس ملك المجر دفع ٣٠. ٠٠٠ دوقة نظير إلغاء زواجه ببياتريس أميرة نابلي؛ ولو أن هنري الثامن قد وجد بابا كالإسكندر يتعامل معه، لبقى إلى آخر أيامه حامي حمى الدين. ولمّا لاح أن العيد سيخفق من الناحية المالية لأن الذين كانوا يريدون الحج قعدوا في منازلهم خوفاً من اللصوص، أو الوباء أو الحروب، لم يشأ الإسكندر أن يخسر ما قدره لنفسه من مال، وجرى على