إقطاعية من أسوأ طراز، وكان رعاياها وغيرهم من أهل رومانيا Romagna يرون أن قيصر منتقم بعثه الله ليطهر البلاد من الظلم والاستبداد اللذين داموا عصوراً طوالاً" (٦٣).
ولكن انتصار سيزاري الأول كان قصير الأجل، فقد تمرد جنوده الأجانب لأنه لم يجد ما يكفي من المال لأداء أجورهم، وما كاد يسترضيهم، حتى استدعى لويس الثاني عشر الفرقة الفرنسية لتساعده على استرداد ميلان التي استعادها لدوفيكو من وقت قريب. وسار سيزاري على رأس الباقين من جنوده إلى روما، واستقبل فيها استقبالاً لا يكاد يقل مهابة عن استقبال القواد الرومان المنتصرين. وابتهج الإسكندر بانتصار ابنه، وفي ذلك يقول سفير البندقية: "إن البابا أكثر ابتهاجاً مما رأيته في أي وقت من الأوقات" (٦٤). وعين سيزاري نائباً عن البابا في المدن المفتوحة، وشرع من ذلك الحين يدفعه الحب الشديد إلى قبول نصائح ولده؛ وامتلأت خزائنه بالأموال التي جمعها من عيد روما ومن بيع مناصب للكرادلة، واستطاع سيزاري بفضلها أن يضع خطة حملة أخرى. وكان أول ما عمله أن عرض مبلغاً مغرياً من المال على باولو أرسيني ليقنعه بأن ينضم هو ورجاله إلى القوات البابوية؛ وجاء باولو كما جاء على أثره عدد آخر من النبلاء. وبهذه الضربة الماهرة قوى سيزاري جيشه، وحمى روما من غارات البارونات أثناء غياب الجيوش البابوية وراء الابنين. ولعل هذه المغريات نفسها، وما بذله لمناصريه من وعود بالغنائم هي التي ضمن بها خدمات جيان بولو بجليوني سيد بورجيا وجنوده، واستخدم بها فيتيلتسو فيتلي Vitelozzo Vitolli ليقود مدفعيته. وبعث إليه لويس الثاني عشر بلواء صغير من حملة الرماح، ولكن سيزاري لم يعد يعتمد على الإمدادات الفرنسية. فلما تم له هذا الاستعداد هاجم في سبتمبر من عام ١٥٠٠ بتحريض الإسكندر القصور التي يحتلها آل كولنا وسفلى المعادين له في لاتيوم.