الإسكندر يتحفزون لنهب الفاتيكان في أية لحظة من اللحظات. وينهبون الأموال التي يعتمد عليها سيزاري في أداء رواتب جنده. فلم ير سيزاري بداً من أن يرسل عدداً من الرجال المسلحين إلى الفاتيكان؛ وأرغم هؤلاء الكردنال كسانوفا Cassanuova بقوة السيف على أن يسلمهم ما في الخزانة من الأموال؛ وهكذا فعل سيزاري ما فعله يوليوس قيصر قبل خمسة عشر قرناً من ذلك الوقت. فقد جاء إليه الجند بمائة ألف دوقة ذهباً، كما جاءوا إليه بصحاف وجواهر قيمتها ثلاثمائة ألف دوقة؛ وأرسل في الوقت عينه سفناً وجنوداً ليمنع بها الكردنال جوليانو دلا روفيري أقوى أعدائه من الوصول إلى روما؛ وكان يحس بأنه إن لم يستطع إقناع المجمع المقدس بانتخاب بابا من أنصاره فقد ضاعت كل آماله.
وأصر الكرادلة على أن يجلو جنود سيزاري وآل أرسيني وكولنا عن روما حتى يستطيعون أن يختاروا البابا الجديد في جو خال من الإرهاب. ووافق الأطراف الثلاثة على هذا المطلب، فانسحب سيزاري ورجاله إلى تشفيتا كستلانا Civita Castellana، في الوقت الذي دخل فيه الكردنال جوليانو روما، وتزعم في مجمع الكرادلة القوى المعادية لآل بورجيا. وفي الثاني والعشرين من سبتمبر عام ١٥٠٣ اختارت الأحزاب المتنافسة. في مجمع الكردنال فرانتشيسكو بكولوميني Francesco Piccolomini بابا مرضاة لجميع الأطراف المتنازعة، وتسمى باسم بيوس الثالث، تكريماً لعمه إبنياس سلفيوس. وكان بيوس رجلاً غزير العلم طيب الخلق، وإن كان أيضاً أباً لأسرة كبيرة (١١٩). وكان وقتئذ في الرابعة والستين من عمره مصاباً بخراج في ساقه. وكان من أصدقاء سيزاري ولذلك سمح له بالعودة إلى روما، ولكن بيوس مات في الثامن عشر من شهر أكتوبر.
وأيقن سيزاري أنه لا يستطيع وقتئذ أن يمنح انتخاب الكردنال دلا روفيري وهو بلا ريب أقدر رجل في المجمع المقدس. لهذا عقد سيزاري