للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من روما على رأس قوته الصغيرة -المكونة من أربعمائة فارس، ومن حرسه السويسري، وأربعة كرادلة. وعين جويدو يلدو، دوق أربينو الذي عاد إلى حكمها، قائداً عسكرياً للجيوش البابوية، ولكن البابا سار على رأسها بنفسه- وكان ذلك منظراً لم تره روما من عدة قرون. وظن جيان باولو بجليوني أنه لا يستطيع هزيمة هذا الحلف، فجاء إلى أرفيتو، واستسلم للبابا، وطلب إليه المغفرة. وزمجر الإسكندر قائلا: "إني أغفر لك خطاياك الجسدية ولكني سأعاقبك عليها جميعا حين ترتكب أول خطيئة صغرى" (٧).

واعتمد يوليوس على سلطته الدينية فدخل بروجيا بحرس قليل العدد، وكان في استطاعة بجليوني أن يأمر رجاله بالقبض عليه وإغلاق أبواب المدينة وهو في داخلها، ولكنه لم يجرؤ على هذا العمل. ودهش مكيفلي، وكان وقتئذ قريباً منه، إذ أضاع بجليوني هذه الفرصة التي كان يستطيع فيها أن "يعمل عملاً خالد الذكر؛ فقد كان في وسعه أن يكون أول من يظهر للقساوسة عدم احترام الناس لمن يحيا حياتهم ويحكم مثل حكمهم، وكان في مقدوره أن يضرب ضربة تبلغ من العظمة حدا يرجح ما فيها من إثم، وكل ما قد يعقبها من أخطار" (٨). وكان مكيفلي يعارض في أن تكون للبابوية سلطة زمنية كما كان يعارض في ذلك معظم الإيطاليين، ويعارض كذلك البابوات الذين كانوا ملوكاً. ولكن بجليوني كان أيضاً يخشى على حياته ويعرف قيمها، ولعله كان يرى أن نجاة روحه أجل شأناً من شهرته بعد موته.

ولم يقض يوليوس في بروجيا إلا وقتاً قصيراً، فقد كانت بولونيا هدفه الحقيقي؛ ولهذا قاد جيشه الصغير في الطرق الوعرة واجتاز به جبال الأبنين إلى سيزينيا، ثم انقض على بولونيا من الشرق؛ بينما كان الفرنسيون يهاجمونها من الغرب. وأيد يوليوس هذا الهجوم بمرسوم بابوي يقضي بحرمان آل بنتيفجلي وأشياعهم، ويعرض فيه الغفران الشامل على كل من