وتحذو في شكلها حذو صورة مماثلة لها من عمل بروجينو. ولكن العذراء نفسها تبدو عليها سمات نساء رفائيل ورشاقتهن - في الرأس المائل في تواضع، والوجه الحنون الحيي، والانحناء الخفيف في الكتف والذراع والثياب. ومن خلف العذراء امرأة أكثر منها مرحاً وحيوية، شقراء جميلة. وإلى اليمين شاب في ملابس ضيقة تدل على أن رفائيل قد عكف على دراسة الجسم البشري؛ والأيدي كلها الآن حسنة الرسم وبعضها جميل.
وكان بنتورتشيو قد تعرف حوالي ذلك الوقت برفائيل في بروجيا فدعاه إلى سينا ليكون مساعداً له؛ وفيها رسم رفائيل صوراً تخطيطية، وأخرى تمهيدية، لبعض المظلمات الرائعة التي يقص بها بنتورتشيو في مكتبة الكنيسة أجزاء من قصة إينياس سلفيوس قصصاً خليقة بالبابوات. واسترعت أنظار رفائيل في تلك المكتبة طائفة من التماثيل القديمة الطراز. هي تماثيل ربات الجمال التي جاء بها الكردنال بكولوميني من روما إلى سينا. ورسم الفنان الشاب صورة سريعة لهذه التماثيل، ليساعد بها ذاكرته على ما نظن. ويبدو أنه وجد في هذه الصور الثلاث العارية عالماً مختلفاً، وأخلاقاً مختلفة، عما انطبع في ذهنه في أربينو وبروجيا - عالماً كانت فيه المرأة إلهة مبتهجة من ربات الجمال، بدل أن تكون أم الإله الحزينة، وتعد فيه عبادة الجمال عملاً مشروعاً لا يقل في ذلك عن تعظيم العفة والطهارة. ونما في ذلك الوقت الجانب الوثني من رفائيل، وهو الذي أمكنه في مستقبل الأيام من رسم نساء عاريات في حمام أحد الكرادلة، ووضع فلاسفة اليونان إلى جانب القديسين المسيحيين في حجرات الفاتيكان، وتطور هذا الجانب تطوراً هادئاً ملازماً لتلك الناحية من طبعه وفنه الذين أنتجا فيما بعد صورتي قداس بلسينا Bolsena وعذراء سستيني. وسنجد في صور رفائيل أكثر مما نجده في أي بطل آخر من أبطال النهضة، الإيمان المسيحي والبعث الوثني يعيشان جنباً إلى جنب في سلام وانسجام.