للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رومة مليئة بأنصار الفن أصحاب الثراء. وهكذا انتقل ميكل أنجيلو في عام ١٤٩٦ إلى العاصمة وهو مفعم القلب بالأمل، وخص بمكان في بيت الكردنال. وتبين أنرياريو غير كريم؛ غير أن ياقوبو جالو Iacopo Gallo، أحد رجال المصارف عهد إلى ميخائيل أن ينحت تمثالاً لباخوس وآخر لكيوبد. يوجد أولهما الآن في متحف برجيلو Bargello بفلورنس والآخر بمتحف فكتوريا وألبرت بلندن. وتمثال باخوس صورة غير ممتعة لإله الخمر الشاب وهو في حالة سكر شديد؛ ورأس التمثال صغير لا يتناسب مع جسمه، كما يليق بالسكير، ولكن الجسم متقن التصوير أملس ناعم نعومة خنثوية. وكيوبد شاب جاثم أكثر شبهاً بالشاب الرياضي منه بإله الحب، ولعل ميكل أنجيلو لم يسمه بهذا الاسم الذي لا يتفق مع صورته؛ وإذا نظرنا إليه من حيث هو تحفة من تحف النحت حكمنا من فورنا بأنه تحفة ممتازة. فقد ميز فيه الفنان من البداية أو فيما يكاد يكون من البداية، عمله بأن أظهر صاحب التمثال في لحظة من لحظات العمل وفي موقف من مواقفه. ذلك أنه لم يكن كاليونان يفضل في الفن مواقف الراحة وعدم العمل، لا نستثني من ذلك إلاّ تمثال بييتا Pieta؛ ومثل هذا يقال - مع الاستثناء ذاته - عن حب اليونان للتعميم أي تصوير أنماط عامة؛ أما ميكل أنجيلو فكان يؤثر تصوير الفرد خيالياً في فكرته، واقعياً دقائقه؛ ولم يقلد الأشكال القديمة، إلاّ في ملابسها؛ أما بقية أعماله فكانت خاصة به، فهي لم تكن مولداً جديداً للصورة القديمة، بل كانت خلقاً فذاً وإبداعاً على غير مثال يحتذيه.

وأعظم ما أخرجه الفنان أثناء مقامه الأول في روما هو تمثال بييتا وهو الآن أحد الآيات الفنية التي تفتخر بها كنيسة القديس بطرس. وقد وقع العقد الذي أنشئ بمقتضاه هذا التمثال الكردنال جان ده فليير Jean de Villier سفير فرنسا في البلاط البابوي (١٤٩٨). وكان الأجر