قائماً في فراغ مدخل القصر المكشوف معرضاً للجو، وعبث الأطفال وللثورة عليه؛ وتقول للثورة لأنه كان بمعنى ما إعلاناً صريحاً للتقدمية المتطرفة، ورمزاً للجمهورية الفخورة التي عادت إلى الوجود، وتهديداً صارماً للمغتصبين. ولمّا عاد آل ميديتشي إلى السلطة في عام ١٥١٣ لم يمسوه بسوء؛ ولكن لما قامت الثورة التي انتزعت السلطة منهم مرة أخرى (١٥٢٧) سقط عليه مقعد ألقى من إحدى نوافذ القصر فحطم ذراع التمثال اليمني. وجمع فرانتشيسكو سيلفياتي Francesco Salviati وجيورجيو فاساري، وكانا وقتئذ غلامين في السادسة عشرة من العمر، القطع المحطمة واحتفظا بها، وضم عضو آخر من أسرة ميديتشي جاء فيما بعد، وهو الدوق كوزيمو، هذه الأجزاء وثبتها في مكانها. وفي عام ١٨٧٣ نقل داود بعد جهد جهيد، إلى مجمع الفنون الجميلة Accaademea della Bell Arti بعد أن أثر فيه الجو فشوه معالمه، ولا يزال فيها يحتل مكان الشرف، وهو أحب التماثيل إلى الشعب في فلورنس.
لقد كان هذا العمل من أعمال البطولة، وهو بهذا الوصف لا يمكن أن نوفيه حقه من الثناء، تغلب فيه الفنان بحذق كبير على الصعاب الآلية وإذا ما حكم عليه الإنسان من ناحية الحماسة استطاع أن يجد فيه بعض العيوب! فاليد اليمنى أكبر مما ينبغي أن تكون، والعنق مفرط في الطول، والساق اليسرى أطول في جزئها الذي تحت الركبة مما يليق، والإلية اليسرى ليست متضخمة بالقدر الذي يجب أن تتضخم به أية إلية سليمة. وكان بيروسدريني رئيس الجمهورية يرى أن الأنف مفرط في الضخامة، ويروي فاساري قصة - لعلها مختلفة - تقول إن ميكل أنجيلو صعد سلماً وهو يمسك في يده بعض التراب، وتظاهر بأنه سينحت قطعة من أنف التمثال، وأن يتركه سليماً كما كان، ثم أسقط تراب الرخام من يده أمام رئيس الجمهورية، وأن الرئيس أعلن بعدئذ أن التمثال قد صلح. والأثر