فيها إلى بولونيا ليلح على يوليوس في طلب المال. ولم يكن يعمل وحده، فقد كان له معاونون يطحنون الألوان، ويعدون الجص، ولعل منهم من كان يرسم أو يلون بعض الأشكال الصغيرة، وإن بعض المظلمات لتدل على أنها من صنع أيد أقل من يديه حذقاً. ولكن الفنانين الخمسة الذين استدعاهم إلى روما سرعان ما فصلوا من العمل؛ ذلك أن طراز أنجيلو في التفكير، والتخطيط، والتلوين، كان يختلف عن طرازهم وعن تقاليد فلورنس اختلافاً رأى معه أنهم يعطلونه أكثر مما يعينونه. هذا إلى أنه لم يكن يعرف كيف يقوم بالعمل مع غيره من الأعوان، وكان من أسباب سلواه، وهو فوق المحالات أنه بمفرده، يستطيع أن يفكر وهو هادئ وإن يكن وهو متألم، ويستطيع أن يحقق بشخصه قول ليوناردو:"إن كنت وحدك كان لك السلطان الكامل على نفسك". وزاد يوليوس الصعاب الفنية بصعاب خلقها بنفسه، وذلك بتعجله إتمام العمل العظيم وإظهاره للناس. وفي وسع القارئ أن يتصور البابا الشيخ، يصعد الإطار الواهن الذي نصب ليؤدي إلى مكان الفنان، ثم يبدي له إعجابه ويسأله في كل مرة:"متى ينتهي العمل؟ " فيكون الجواب درساً في الشرف والاستقامة: "سينتهي حين أفعل كل ما أعتقد أن الفن يتطلبه ويراضيه"(٣٧) فيرد عليه يوليوس مغضباً: "أتريد أن أقذف بك من فوق هذه المحالة؟ "(٣٨). وخضع أنجيلو فيما بعد لإلحاح البابا واستعجاله فأنزل المحالات قبل أن يصقل العمل الصقل الأخير. وفكر يوليوس وقتئذ في أن من الواجب أن يضاف قليل من الذهب إلى هذا المكان أو ذاك، ولكن الفنان المتعب أقنعه بأن الزخارف الذهبية لا تليق بصور الأنبياء أو الرسل. ولمّا نزل ميكل عن المحالة آخر مرة، كان منهوك القوى هزيل الجسم، شيخاً قبل الأوان. وتقول إحدى القصص إن عينيه لم تكونا تقويان على مواجهة ضوء الشمس لطول ما اعتادتا من الضوء الضعيف في المعبد (٣٩)، كما تقول قصة أخرى إن القراءة وهو ناظر