للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللاتي يعتقد الناس أنهن بشرن بالمسيح: سيبيل اللوبية الرشيقة، تمسك في يدها كتاباً مفتوحاً يتحدث عن المستقبل؛ وسيبيل القومائية المكتئبة، الشقية، القوية، والمتنبئة الفارسية، العالمة، ومتنبئة دلفي، ومتنبئة أرثريا؛ تلك هي الرسوم الملونة التي تضارع تماثيل فيدياس؛ فالحق أن الإنسان ليظن أن هذه كلها تماثيل لا صوراً ملونة؛ وأن ميكل أنجيلو قد جند للعمل في فن غريب عليه، فأحاله إلى الفن الذي يوائمه. واحتفظ الفنان في المثلث الكبير الذي في نهاية السقف، وفي مثلثين آخرين في النهاية الأخرى بموضوعات العهد القديم، بالحية الفظة في البيداء، وبانتصار داود على جالوت، وبشنق هامان، وبقتل يهوديت لهلوفرينس. ثم صوّر أنجيلو في آخر الأمر مناظر يوضح فيها نسب مريم والمسيح، وكأنه فعل هذا بعد أن أعاد مرة ثانية إلى التفكير يريد أن يذعن لأمر غير راغب فيه.

وليس فذ هذه الصور كلها صورة تضارع في فكرتها، أو رسمها، أو تلوينها، أو طريقتها الفنية صورة مدرسة أثينة لرفائيل؛ ولكنها إذا نظر إليها في مجموعها كانت أعظم عمل قام به أي فنان في تاريخ التصوير كله. ذلك أن الأثر الكلي الناشئ من تكرار التفكير وشدة العناية يفوق كثيراً الأثر الذي ينطبع في الذهن إذا ما نظر الإنسان إلى الحجرات. ففي صورة رفائيل نحس بالكمال الفني الذي وفق صاحبه فيه كل التوفيق، ونرى اجتماع التفكير الديني والمسيح في وداعة ورقة، أما في صورة أنجيلو فلسنا ندرك فقط الدقة العظيمة في مراعاة الأصول الفنية التطبيقية - في المنظور، وطول الأشكال وقصرها، واختلاف المواقف والأوضاع اختلافاً يضارع سواه؛ بل ندرك فوق هذا قوة العبقرية وأثرها في نفوسنا، العبقرية التي تكاد تبلغ من القدرة على الخلق ما تبلغه صورة الله جل شأنه، التي تهب عليها الريح وهي ترفع آدم عن ظهر الأرض.

وهنا أيضاً أطلق ميكل أنجيلو العنان لعاطفته المسيطرة عليه، فجعل