كتاب قصة الحضارة

ليو العاشر - البابا السعيد - ج: 20 - ص: 219

مؤكداً لكسب رضاه (١٧). ويبدو أنه كان يحس بأن الترويح عن نفسه بهذه الوسائل من حين إلى حسن يشغله عن آلامه الجسمية، ويخفف عن نفسه عبء المتاعب النفسية، ويطيل حياته (١٨). وكانت له عادة تمت بصلة إلى عادات الأطفال وتقلل من حقد الحاقدين عليه. ذلك أنه كان يلعب الورق أحياناً مع الكرادلة، ويبيح للجمهور أن يشاهد اللعب حتى إذا فرغ منه وزع قطعاً من الذهب على الحاضرين.

وكان الصيد أحب ضروب التسلية إليه؛ فقد كان هذا مانعاً له من البدانة التي كان مستعداً لها بطبيعته، وكانت تمكنه من الاستمتاع بالهواء الطلق وبمناظر الريف بعد أن كان سجيناً في الفاتيكان. وكان له إسطبل به كثير من الجياد يخدمها مائة سائس؛ وكان من عادته أن يفرغ في شهر أكتوبر كله للصيد والقنص. وكانت أطباؤه يحبذون هذه العادة أعظم التحبيذ، ولكن باريس ده جراسيس Paris de Grassis كبير تشريفاته كان يشكو من أن البابا يظل منتعلاً حذاءيه الثقيلتين زمناً طويلاً "لا يستطيع أحد معه أن يقبل قدميه"، وكان ليو يضحك من هذا بكل قلبه (١٩). ونحن نرى البابا أرق حاشية مما نراه في صورة رفائيل حين نقرأ أن الفلاحين. أهل القرى كانوا يفدون عليه لتحيته حين يمر في طرقهم، وأنهم كانوا يقدمون له عطاياهم المتواضعة - وأن البابا كان يجزل لهم العطاء حتى كان هؤلاء ينتظرون بشوق زائد رحلات الصيد التي يقوم بها. وكان يهب بناتهم الفقيرات بائنات الزواج، ويؤدون ديون المرضى والطاعنين في السن، وآباء الأسر الكبيرة (٢٠). وكان أولئك الأقوام السذج يخلصون له الحب أكثر من الألفين من الرجال الذين تتألف منهم حاشيته في الفاتيكان (١).

---

(١) وكان المكان المحبب الذي ينزل فيه ليو خلال رحلات الصيد هذه هو البيت الريفي المعروف بقصر مجليانا Magliana وكان هذا القصر قد شيد لسكستس الرابع ووسّعه إنوسنت الثاني ويوليوس الثاني، وزينه جيوفني دي بيترو الأمبري (المعروف باسم لو أسبانيا Lo Spagna) ليوليوس بمظلمات تمثل أبلو روبات الفن. وصمم رفائيل لمعبده (بين ١٥١٣ و ١٥٢٠) ثلاث مظلمات بقى منها اثنان حتى الآن في متحف اللوفر. والراجح أن لو أسبانيا قد صورها من صور تمهيدية لرفائيل.