للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على إعادة بناء كنيسة القديس بطرس، ولن ينقطع عن هذا المرتب طول حياتي .... وهم يعطونني فوق هذا كل ما أطلبه نظير عملي. ولقد شرعت في زخرفة ردهة كبيرة لقداسة البابا سأتقاضى من أجلها ١٢٠٠ كرون ذهبي. ومن هذا ترى حتماً يا عمي العزيز أنني أعمل ما يشرّف أسرتي وبلدي (٧٢).

ولمّا بلغ الواحدة والثلاثين من عمره أدرك أنه دخل في دور الرجولة، فربى لحية سوداء أراد أن يستر بها شبابه؛ وعاش في رغد، بل قل في أبهة في قصر شاده برامنتي وابتاعه رفائيل بثلاثة آلاف دوقة، وارتدى من الثياب ما يرتديه شباب الأسر الشريفة؛ وكان إذا زار قصر الفاتيكان صحبته حاشية كحاشية الأمراء من تلاميذه وعملائه. وأنبه على هذا ميكل أنجيلو بأن قال له: "إنك تسير ومن خلفك حاشية كأنك قائد جيش"، فرد عليه رفائيل بقوله: "وأنت تسير وحدك كالجلاّد" (٧٣). وكان لا يزال وقتئذ فتى طيب القلب، مبرءاً من الجسد، ولكنه شديد الحرص على أن يسمو على غيره من الناس، ولم يكن من التواضع بالقدر الذي كان عليه من قبل (وأنّى له أن يكون كذلك)، ولكنه كان على الدوام يقدّم العون لغيره، ويهدي أصدقاءه روائع فنه، ولقد بلغ من أمره أن كان معيناً ونصيراً للفنانين الأقل منه حظاً وموهبة. ولكن فكاهته كانت لاذعة في بعض الأحيان؛ مثال ذلك أن كردنالين زارا مرسمه في يوم من الأيام، فأخذا يتسليان بذكر عيوب في صوره - فقالا مثلاً إن وجوه الرسل مسرفة في الاحمرار - فرد عليهم بقوله: "لا تعجبوا من هذا، يا صاحبي العظمة، فلقد رسمتها بهذا الشكل عامداً، أليس من حقنا أن نظن أن أصحابها ستعلوهم حمرة الخجل في السماء حين يرون الكنيسة يحكمها رجال من أمثالكم؟ " (٧٤). على أنه مع ذلك كان يقبل ما يصحح له من أغلاط من غير أن يغضب، كما حدث في تصميم بناء كنيسة القديس بطرس. وكان في وسعه أن يثني