العسكرية المحدودة، فلجأ إلى جميع الأساليب السياسية والدبلوماسية التي كان يلجأ إليها أمراء زمانه. نعم إنه لم يكن من اليسير على رئيس الكنيسة أن يكذب، ويحنث بالوعد، ويسرق ويقتل؛ ولكن الملوك كلهم كانوا مجمعين على أن هذه الأساليب لا غنى عنها لحفظ كيان الدولة؛ واندفع ليو، وهو الميديتشي أولاً والبابا بعدئذ، في هذ الخطة بالقدر الذي تسمح له به بدانته، وناسوره، وصيده، وسخاؤه وأمواله. وندد به كل الملوك لأنه لم يسلك مسلك القديسين، وقال في ذلك جوتشيارديني: "إن ليو قد خيب الآمال المعقودة عليه وقت تتويجه، فقد بدا أنه ذو بصيرة نفاذة، ولكنه أقل صلاحاً مما كان يتصوره جميع الناس (٩٣). وظل أعداؤه وقتاً طويلاً يظنون أن دهاءه المكيفلي إنما يرجع إلى نفوذ جويليو ابن عمه (الذي أصبح فيما بعد كلمنت السابع) أو إلى الكردنال ببينا، لكن تطور الحوادث فيما بعد أوضح أنهم لا بد لهم أن يحسبوا حساب ليو نفسه، وأن ليو هذا ليس أسداً بل ثعلباً، وأنه لين زلق، ماكر لا يسبر غوره، نهاز زائغ، يخاف في بعض الأحيان ويتردد في أغلبها؛ ولكنه إذا جد الجد قادر على اتخاذ القرار الحاسم، ماض في عزيمته، عنيد في خططه السياسية.
وسنرجئ الحديث عن علاقاته بالدول الواقعة شمال جبال الألب إلى فصل آخر من هذا الكتاب، ونقصر بحثنا هنا على الشئون الإيطالية، فنتحدث عنها بإيجاز لأن فنون عهد ليو أبقى على الزمن من سياسته. لقد كان يمتاز كثيراً عن أسلافه، لأن فلورنس التي قاومت من قبل الإسكندر ويوليوس كانت وقتئذ جزءاً من دولته، ولأنه أفاء على أهلها كثيراً من نعمه. ولمّا أن زار المدينة التي حكمها أسلافه أقامت له أكثر من عشر أقواس فنية ترحيباً به. ومن هذه القاعدة ومن روما نفسها استخدم رجاله الدبلوماسيين ومن يدينون له بالفضل، كما استخدم جنوده، في توسيع رقعة دولته؛ فاستولى أولاً على مودينا في عام ١٥١٤، ولمّا أن تأهب فرانسس الأول