وكادت كل حكومة إيطالية يكون لها منجم رسمي يحدد لها بالنظر في مواقع النجوم الأوقات الملائمة للبدء في المشروعات الهامة. ولم يشأ يوليوس الثاني أن يغادر بولونيا إلا بعد أن أنبأه منجمه أن الوقت ملائم لمغادرتها, وكان سكتس الرابع وبولس الثالث يطلبان منجميهما تحديد الساعات التي يعقدان فيها مؤتمراتهما الكبرى (١٦ب). وقد بلغ انتشار العقيدة القائلة بأن النجوم تسيطر على أخلاق البشر وشؤونهم حدا جعل كثيرا من اساتذة الجامعات في إيطاليا يصدرون في كل عام تنبؤات قائمة على أساس التنجيم (١٦حـ)، وكان من أفانين أرتينو المضحكة أن يحاكى هذه التقاويم التي يضعها أولئك العلماء. ولما أن أعاد لورندسو ده ميديتشى جامعة بيزا، لم يقرر ضمن مواد الدراسة فيها منهجا للتنجيم؛ ولكن الطلاب ضجوا طالبين وضع هذا المنهج، ولم يجد بداً من الخضوع لمطلبهم (١٦د). ووجه بيكو دلا ميندولا أحد العلماء الأعلام المحيطين بلورندسو هجوماً كتابياً شديداً على التنجيم، ولكن مرسيليو فتشينو الأغزر منه علماً دافع عنه. وصاح جوتشيارديني قائلا:"ألا ما أسعد المنجمين الذين يؤمن الناس بأقوالهم ولو صدقوا مرة واحدة وكذبوا مائة مرة على حين أن غيرهم من الناس يفقدون الثقة بهم إذا كذبوا مرة واحدة وصدقوا مائة مرة"(١٢هـ). لكن التنجيم مع ذلك كان ينطوي على شيء من التطلع نحو النظرة العلمية إلى الكون؛ وكان فيه إلى حد ما مهرب من الاعتقاد بوجود كون تسيطر عليه مشيئة الله أو نزعات الشياطين، ويهدف إلى العثور على قانون طبيعي شامل. ينسق المظاهر الطبيعية ويوفق بينها.