أن يؤذوه؛ أو كانت لديهم أسباب تدعوهم إلى هذا الإيذاء، ويستبدل بنظام الأشياء القديم نظاماً جديداً؛ وأن يكون قاسياً وكريماً، نبيلا وحراً، ويحطم قوة الجند غير الموالين له وينشئ بدلهم جيشاً جديداً، ويحتفظ بصداقة الملوك والأمراء بحيث يرون أن من واجبهم أن يخفوا لمعرفته متحمسين، فإذا فكروا في أذاه كانوا حذرين- من شاء هذا فإنه لن يجد مثلا أروع من أعمال هذا الرجل".
وكان مكيفلي يعجب ببورجيا لأنه كان يشعر بأن أساليبه وأخلاقه تمهد السبيل إلى توحيد إيطاليا، وأنها لم تحل بينها وبين بلوغ تلك الغاية إلا ما صحبها من مرض البابا وولده.
وهو يتوسل في ختام كتابه الأمير إلى لورندسو الدوق الشاب، ويتوسل عن طريقه إلى ليو وآل ميديتشي، أن يعملوا على توحيد شبه الجزيرة. وهو يصف أهل بلاده بأنهم مستعبدون، أكثر من العبرانيين، وأنهم يعانون من الظلم أكثر مما يعانيه الفرس، وأنهم مشتتون أكثر من الأثينيين، وأنهم قوم لا رئيس لهم، ولا نظام، مهزومون، منتهبون مغتصبون، ممزقون، تجتاح بلادهم الجيوش الأجنبية". "لقد أصبحت إيطاليا وكأنها مسلوبة الحياة، تنتظر من يقبل عليها ليأسوا جراحها … وتدعو الله أن يقيض لها من ينجيها من هذه المظالم وهذه المخازي التي يوقعها عليها الأجانب"(١١٧). إن الموقف جد خطير؛ ولكن الفرصة مواتية. "ذلك أن إيطاليا متأهبة، راغبة في أن تسير وراء العَلَم، إذا ما رفعه إنسان ما" ومن أحق برفعه من آل ميديتشي، أشهر الأسر كلها في إيطاليا، والتي تتزعم الكنيسة في هذه الأيام؟
"ومنذا الذي يستطيع أن يعبر عن الحب الذي سوف يفيض به قلب إيطاليا وهي ترحب بمحررها؛ أو عن تعطشها للانتقام من أعدائها، أو عن إيمانها القوي، وإخلاصها، ودموعها؟ وأي باب يمكن أن يغلق في وجهه؟ ومنذا الذي يضن عليه بالطاعة؟ إن هذا السلطان الأجنبي الهمجي الذي