منها النفس في عصر النهضة. ولم يكن الرجال المتعلمون يتورعون عن كتابة الشعر البذيء على التماثيل، وقد كتب بمبو المهذب الرقيق فيما كتب يثني على بريابوس Priapus (٩١) . وكان الشبان يتنافسون في النطق بأفحش الألفاظ وأكثرها بذاءة ليبرهنوا بذلك على أنهم بلغوا الحلم. وكان الرجال على اختلاف طبقاتهم يسبون ويلعنون وكثيراً ما يتطرق سبابهم إلى أقدس الأسماء في الدين المسيحي. ورغم هذا كله فإن عبارات المجاملة لم تكن في وقت ما أكثر ازدهاراً مما كانت في تلك الأيام، كما لم تكن صيغ التخاطب أكثر ظرفاً ورشاقة. وكانت النساء يقبلن يد كل صديق حميم من الذكور حين يقابلنه أو يودعنه، كما كان الرجال يقبلون أيدي النساء؛ ولم تكن الهدايا تنقطع بين الصديق والصديق، وبلغت الكياسة في الأقوال والأفعال درجة خيل إلى أوربا الشمالية أنها لا تستطيع الوصول إليها، وأضحت الكتب الإيطالية التي تعلم تلك الآداب هي النصوص المحببة التي تدرس فيما وراء جبال الألب.
ومثل ذلك يقال عن الكتب الإيطالية في الرقص، والمثاقفة، وغيرها من ضروب الرياضة، فقد كانت إيطاليا تتزعم العالم المسيحي في الرياضة كما تتزعمه في الحديث والبذاءة، فكانت البنات يرقصن في ليالي الصيف في ميادين فلورنس، وكانت أرشقهن قواماً وأبرعهن رقصاً تجاز بإكليل من الفضة؛ وفي القرى كان الفتيان والفتيات يتراقصون على الخمائل وفي البيوت وفي حفلات الرقص الرسمية: كان النساء يرقصن مع النساء أو الرجال، كما كان الرجال يراقصون الرجال أو النساء؛ وكان الهدف في كل حالة من الحالات هو الرشاقة. وانتشر رقص الباليه في عهد النهضة، وأضيف شعر الحركات إلى غيره من الفنون.
وكان لعب الورق أكثر من الرقص انتشاراً، فقد أضحى في القرن الخامس عشر ولعاً تجن به جميع الطبقات، حتى لقد أدمنه ليو العاشر نفسه.