للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولاإيرت Adrian Willaert من أهل بروج Bruges يرأس فرقة المرنمين في كنيسة القديس مرقص بالبندقية خمسة وثلاثين عاماً درب أفرادها فيها تدريباً حسدتهم عليه روما. وفي فلورنس نظم أنطونيو اسكوارتشيا بولى مدرسة موسيقية كان لورندسو عضواً فيها. وظل أنطونيو جيلا كاملا يسيطر على فرقة المرنمين في الكاتدرائية العظيمة تردد النغمات التي أسكتت صوت كل شك فلسفي. يدلنا على ذلك أن ليون باتستا ألبرتى Leon Battista Alberti كان من المتشككين حتى إذا غنت الفرقة صدق وآمن وقال:

"إن جميع أنواع الغناء الأخرى تمل بالتكرار، أما الموسيقى الدينية وحدها فلا تمل. ولست أعلم مبلغ تأثر غيري بهذه النغمات، أما أنا فإن هذه الترانيم والمزامير التي أستمع إليها في الكنيسة تحدث فيَّ ذلك الأثر الذي وضعت من أجله، فتهدئ من جميع اضطراباتي النفسية، وتبعث فيَّ شيئاً من الفتور الذي تعجز الألفاظ عن وضعه، وتملأ قلبي إجلالا للخالق جل وعلا. وأي قلب قد بلغ من القسوة درجة لا يلين معها إذا سمع ذلك الارتفاع والانخفاض المتزن المتناسق في الأصوات الكاملة الحقة بتلك النغمات العذبة اللينة؟ وأؤكد لكم أني ما استمعت فقط … إلى اللفظين اليونانيين كيري إليسوق (ارحمنا يارب) اللذين يدعوان الله إلى أن يقينا شر بؤسنا البشرى إلا انهمر الدمع من عيني … وفي تلك اللحظة أفكر كذلك في مبلغ ما للموسيقى من قدرة على تهدئتنا والترفيه عنا" (١٠٦).

بيد أن الموسيقى، رغم هذا الانتشار الواسع، كانت هي الفن الوحيد الذي تأخرت فيه إيطاليا عن فرنسا في الجزء الأكبر من عهد النهضة. ذلك أن إيطاليا قد أثر فيها انتقال البابوات إلى أفنيون فحرمها من الموارد المالية البابوية، ولم يكن بلاط الأمراء المستبدين في القرن الرابع عشر قد بلغ درجة كبيرة من النضوج الثقافي، ومن أجل هذا كان يعوزها المال والروح اللذان لا غنى عنهما للدرجات العليا من الموسيقى. نعم إنها أخرجت أغاني