كان يعيش في روما، وذكره ربليه في كتاباته (١٠٩). وفي البندقية أعفى أدريان ولايرت Adrian Willaert من واجباته بوصفه رئيس فرقة المرنمين في كنيسة سان ماركو لكي يؤلف أجمل قصائد الغزل في أيامه.
وكانت القصيدة الغزلية تغنى عادة دون أن يصحبها عزف موسيقي على الآلات. نعم إن الآلات الموسيقية كان يخطئها الحصر، ولكن ما من واحدة منها، سوى الأرغن وحده، كانت تجرؤ على أن تنافس الصوت الآدمي. ولقد نشأت موسيقى الآلات نشأة بطيئة في أوائل القرن السادس عشر، وكانت نشأتها من صيغ موسيقية وضعت أولا للرقص أو الغناء الجماعي؛ وهكذا نشأ البوان والسلطاريل والسرنيد (١) نشأة تدريجية من الرقص المصاحب للغناء مع الآلات مفردة أو مجتمعة، وأضحت موسيقى الغزل التي تعزف دون غناء هي الكانزوني التي نشأت منها السوناته بعد زمن طويل (١٠٠أ)، ومن ثم كانت هي منشأ السمفونية.
وكان الارغن في القرن الرابع عشر قد وصل في تطوره ورقيه الدرجة التي هو عليها الآن تقريباً، فقد ظهرت لوحته الدواسة في ألمانيا والبلاد الوطيئة في ذلك العهد، وسرعان ما أدخلت في فرنسا وأسبانيا، أما إيطاليا فقد تأخرت في قبولها حتى القرن السادس عشر. وكانت الكثرة الغالبة من الأراغن قد أصبح لها قبل ذلك الوقت لوحتان أو ثلاث لوحات من المفاتيح وعدد مختلف من الوقفات والأجهزة التي يمكن بها استخدام عدة مفاتيح في وقت واحد. وكانت الأراغن الكبرى في الكنائس تحفاً فنية في حد ذاتها يقوم الأساتذة العظام بتصميمها، وحفرها، ونقشها. كذلك سرى حب الجمال في الشكل إلى غير الأرغن من الآلات الموسيقية، فالعود مثلا- وهو آلة البيت المحببة- كان يصنع من الخشب والعاج، ويتخذ شكل الكمثرى، وتخرق فيه ثقوب الصوت في نظام جميل. وكانت لوحة الأصابع فيه تقسم بنقوش من الفضة أو الشبة، وتنتهي بصندوق للأوتاد يصنع زاوية