للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اضطر من فيها جميعاً إلى افتداء أنفسهم بمبلغ محدد؛ فإذا لم يوفوا به كله تعرضوا لألوان من العذاب، وقتل منهم آلاف، وألقى بالأطفال من النوافذ العليا، لكي يضطر آباؤهم إلى إخراج ما اكتنزوه من المال وأخفوه، حتى غصت الشوارع بالقتل. وشهد الثرى دومينيكو صاحب الملايين بعينيه أبناؤه يقتلون، وابنته يهتك عرضها، وبيته يحرق، ثم انتهى الأمر بقتله هو نفسه. ويقول بعض الواصفين: "ولم تكن في المدينة كلها نفس فوق الثالثة من العمر لم تضطر إلى أن تبتاع سلامتها بالمال" (٣٧).

وكان نصف الغوغاء المنتصرين من الألمان، لم يكن يشك معظمهم في أن البابوات والكرادلة لصوص، وأن ثروة الكنيسة في روما سرقة ونهب من الأمم، وفضيحة للعالم. وأرادوا هم أم يخففوا من هذه الفضيحة، فاستولوا على جميع ما في الكنائس من ثروة منقولة بما فيها الأواني المقدسة، والتحف الفنية، وخرجوا بها ليذيبوها أو يفتدوا بها أنفسهم، أو يبيعوها. أما المخلفات المقدسة فقد تركوها مبعثرة على الأرض. وارتدى أحد الجنود الأثواب البابوية، ولبس غيره قلانس الكرادلة، وقبلوا قدميه، ونادى جماعة من الغوغاء في الفاتيكان بلوثر بابا. وكان اتباع مذهب لوثر من الغزاة يجدون لذة خاصة في نهب أموال الكرادلة، وتقاضى فديات عالية منهم نظير تركهم أحياء، وتعليمهم مراسم دينية جديدة. ويقول جوتشارديني إن بعض الكرادلة "أركبوا دواب قذرة حقيرة، وأديرت وجوههم نحو ذيولها وعليهم ملابس مناصبهم وشاراتها، وطاف الغوغاء ببعضهم في شوارع المدينة معرضين لأقسى ضروب السخرية والاحتقار. وعذب بعض من لم يستطيعوا جمع كل ما طلب إليهم من مال الفداء تعذيباً قضى على حياتهم في التو والساعة أو بعد أيام قلائل" (٣٨). وانزل أحد الكرادلة في قبر من القبور وهدد بأنه سيدفن حياً إن لم يأت بالفدية في زمن محدد؛ وجاء هذا المال في اللحظة الأخيرة (٣٩). ولم يلق الكرادلة الألمان، الذين ظنوا