للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكوناً من ٢٢٤ مركباً بالقرب من ليبانتو Lepanto في خليج كورنث، واحتفلت البندقية بهذا النصر الذي كان من شأنه ان يحتفظ بأوربا الغربية مسيحية احتفالاً دام ثلاثة أيام بلغ فيها المرح حد الجنون: فقد علقت في حي الجزيرة بالبندقية أعلام مرصعة بالفيروزج والذهب، ورفعت في النوافذ كلها أعلام أو طناقس ازدهرت بها القناة الكبرى في المدينة، وأقيم قوس نصر فوق جسر الجزيرة، وعرضت في الشوارع صور من صنع بليفي، وجيورجوني، وتيشيان، وميكل أنجيلو. وكانت حفلات التنكر التي أعقبت هذا النصر أكثر الحفلات التي عرفتها البندقية صخباً وضجيجاً، وكانت مثلا احتذته حفلات تنكرية كثيرة فيما بعد، فقد تنكر كل امرئ في المدينة وأطلق العنان لمرحه وعبثه، واطرح إلى حين كل قوانين الأخلاق، وانتقلت إلى أكثر من عشر لغات أسماء المهرجين أمثال بنتالوني Pantalone ودساني Zonni ( أي جوهاني Johanny) (١) .

ثم شبت حرائق مروعة في قصر الدوق في عامي ١٥٧٤ و ١٥٧٧ دمرت كثيراُ من حجراته وأتلفت كل ما فيها، فاحترقت صور من أعمال جنتيلي دا فبريانو Gentile da Fabriano، وأسرة بليني، وأسرة فيفاريني Vivarini وتيشيان، وبردينوني، وتنتورتو، وفيرونيزي، واختفى في يومين كل ما أخرجه الفن والجهد البشري من روائع. وتجلت روح الجمهورية بأجلى مظاهرها في السرعة والعزيمة اللتين أصلح بهما داخل القصر وأعيد إلى سابق عهده. فقد عهد إلى جيوفني دا بنتي Giovanni da Bonte أن يعيد بناء الغرف بالنظام الذي كانت عليه، وصمم كرستوفورو سورتى Cristoforo Sorte سقف قاعة المجلس الكبير Sala del Magior Consiglio العجيب في تسعة وتسعين قسما، ورسم صور الجدران تنتورتو، وفيرونيزي، وبالما


(١) اصبح هذان اللفظان اسمين عامين يسمى بهما كل مهرج أو ماجن وهما في الأصل اسمان لشخصين بعينهما عاشا في ذلك الوقت. (المترجم).