جعل أندريا يتحول من فن النحت إلى العمارة، ولم يلبث أن عهدت إليه أعمال تدر عليه الكثير من المال.
وكان في روما حيث نهبت المدينة، وفقد في أثناء النهب جميع ما يملك مثله في ذلك كمثل جميع الفنانين. واستطاع أن يتخذ طريقه للبندقية يرجو أن يسافر منها إلى فرنسا؛ ولكن الدوج أندريا جرني Andrea Gritti رجاه أن يعدل عن هذا السفر وأن يعمل لتقوية عمد كنيسة القديس مرقص وقبابها، وسر مجلس شيوخ المدينة من عمله سروراً جعله يعينه مهندس الدولة (١٥٢٩)؛ وظل ست سنين يكدح في تحسين ميدان سان ماركو، فأزال حوانيت القصابين التي كانت تشوه منظر جوانبه، وشق شوارع جديدة، وعمل على جعل ميدان القديس مرقص ذلك المكان الرحب الذي نشاهده اليوم.
وفي عام ١٥٣٦ أنشأ دار الضرب ( Zecca) ثم بدأ أشهر مبانيه كلها وهو مبنى دار الكتب Libraria Vecchia، المواجه بقصر الدوج. ووضع تصميما للواجهة جعل لها فيه رواقين ذوي عمد دورية وأيونية الطراز، وشرفات وأطناف، وزينها بالتماثيل. ويقول بعضهم إن هذه المكتبة القديمة "أجمل بناء غير ديني في إيطاليا كلها"(١)؛ غير أنها يؤخذ عليها الإسراف في العمد؛ هذا إلى أن بناءها نفسه لا يضارع بناء قصر الدوج. ومهما يكن من شيء فإن ولاة الأمور أحبوها، ورفعوا من أجلها مرتب سان سوفينو، وأعفوه من الضرائب. وحدث في عام ١٥٤٤ أن انهارت إحدى البواكي الرئيسية، وخرت إحدى القباب، فألقى سان سوفينو في السجن، وفرضت عليه غرامة كبيرة، ولكن أريتينو وتيشيان أقنعا ولاة الأمور بالعفو عنه. ورممت الباكية والقبة، وتم البناء بنجاح في عام ١٥٥٣. وكان سان سوفينو في هذه الأثناء (١٥٤٠) قد وضع تصميم اللوجيتا Logetta الجميلة أو شرفة الشرطة القائمة على الجانب الشرقي من برج الأجراس وزينها بالتماثيل