روعتها، فإن صور الآدميين تكشف في تيشيان عن مقدرة على الإلمام بالأخلاق البشرية ونقلها بقوة فنية لا تضارعها في معارضها جميعاً صور غيره من الفنانين مجتمعة. وهل ثمة ما هو أرق من صورة الرجل ذي القفاز (حوالي ١٥٢٠ في متحف اللوفر) وهي صورة لا يُعرف شخصية من تمثله- وفيها ترى اليد اليسرى المقفزة، والمخصل الأبيض الرقيق الملتف بالعنق يوائمان أحسن موائمة الروح الحساسة التي تنم عليه العينان. وصورة الكردينال إيوليتو ده ميديتشي (١٥٣٣ في متحف بتي) أقل من السابقة عمقاً، ولكننا مع ذلك نرى في الوجه ما يتسم به آل ميديتشي من دهاء، وإحساس فني، وحب للسلطان. وصورة فرانسس الأول (حوالي ١٥٣٨ المحفوظة في اللوفر) أذاعت شهرة ملامح ملك فرنسا، فقد بعثت في أنحاء العالم في مائة ألف نسخة منقولة عنها القبعة المراشة، والعينين المرحتين، والأنف الأقنى، واللحية الجميلة، والقميص القرمزي يرتديه الرجل الذي خسر إيطاليا ولكنه كسب ليوناردو وتشيلني ومائة امرأة. وقد تطلب منصب تيشيان الرسمي منه أن يرسم صوراً لعدد من أدواج البندقية، ولكن هذه كلها تقريباً قد ضاعت. وبقيت ثلاث صور عظيمة لأشخاص حقيقيين: صورة نقولو مارتشلو Niccolo Marcello ( الذي مات قبل أن يولد تيشيان) - وهي ذات وجه قبيح ورداء فخم-؛ وصورة أنطونيو جرماني (التي تظهر في صورة الإيمان في قصر الدوج)، وصاحبها ذو وجه كوجه النساك وثوب فخم؛ وصورة أندريا جرتي، ويرتدي صاحبها ثوباً أقل من الثوبين السابقين فخامة ولكنه ذو وجه قوي يتركز فيه كل ما في البندقية من جلال وصدق عزيمة. وتختلف عن هذه في طرازها صورة كلاريس استروتسي الرقيقة التي أثنى عليها أريتينو ثناء جماً مستطاباً. وليست الصور التي تمثل أريتينو والمحفوظة في معرض بني بفلورنس وفي مجموعة فرك Frick في