للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شقراء ترتدي ثوباً أبيض لتكشف به عن نهديها، بينما يصيح كيوبد ليلفتها إليه (١).

ونال ياقوبو دا بنتي Jacopo da Ponte، المسمى البسانو Il Bassano نسبة إلى مسقط رأسه، شهرة وسطى وثروة غير كبيرة حين اشترى تيشيان صورته الحيوان ذاهبة إلى سفينة نوح واستطاع أن يعيش حتى بلغ الثانية والثمانين دون أن يترك وراءه أية صورة لآدميين لا تغطيهم الأثواب من رؤوسهم إلى أقدامهم.

وجاء من فيرونا إلى البندقية في عام ١٥٥٣ شاب في الخامسة والعشرين من العمر يدعى باولو كاليارى Paolo Caliari، وهو طراز من الشبان يختلف كثيراً عن طراز نتورتو: فهو هادئ، ودود محب للألفة، ينتقد عيوب نفسه، لا ينفعل إلا نادراً. وكان يحب الموسيقى ويمارسها، مثله في ذلك كمثل تنتورتو وجميع الإيطاليين المتعلمين تقريباً. وكان سخياً كريم الخلق، لم يسئ قط إلى منافس له، ولم يغضب نصيراً له أبداً. وسمته البندقية إل فيرونيزي Il Veronese وهو الاسم الذي يعرفه به العالم، وإن كان قد أحب البندقية فيما أحب من المدن واتخذها موطنا له. وكان له فى فيرونا عدد من المعلمين، منهم عمة أنطونيو باديلي Antonio Badile الذي زوجه فيما بعد بابنته؛ وقد تأثر فيها بجيوفني كاروتو Giovanni Caroto برساسورسي Brusasorc؛ ولكن هذه العوامل التي كانت ذات أثر في نشأة أسلوبه سرعان مازالت في لألاء فن البندقية وحياتها القويين. فقد كان تغير منظر السماء وألوانها فوق القناة الكبرى مصدر دهشته على الدوام؛ وكان يعجب بقصور المدينة وانعكاس خيالها واهتزازه في ماء البحر؛ وكان يحسد عالم الأشراف على دخلهم الثابت، وصداقتهم للفنانين، وآدابهم


(١) كانت هذه إحدى الصور الكثيرة التي أخذها جورنخ goering من إيطاليا أثناء الحرب العالمية الثانية، والتي استردتها إيطاليا بعد انتصار الحلفاء.