للوالد الحق في أن يعامل زوجاته وبناته كما يشاء ويهوى إلى حد كبير جداً؛ فيهبهن، ويبيعهن، ويعيرهن، لا يحده في استعمال حقه هذا إلا الظروف الاجتماعية التي تفسح المجال لآباء غيره في استعمال حقوق مثل حقه، وبينما احتفظ الرجل بحقه في الاتصال الجنسي خارج داره، طولبت المرأة - في ظل الأنظمة الأبوية - بالعفة التامة قبل الزواج، وبالإخلاص التام بعد الزواج، وهكذا نشأ لكل جنس معيار خاص يحكم به على عمله.
إن خضوع المرأة بصفة عامة، وقد كان موجوداً في مرحلة الصيد، ثم ظل موجوداً - في صورة أخف - خلال الفترة التي ساد فيها حق الأمومة في الأسرة ازداد الآن صراحة وغلظة؛ ففي الروسيا القديمة، كان الوالد عند زواج ابنته يضربها ضرباً رقيقا بسوط، ثم يعطي السوط للزوج (٤٥) ليدل على أن ضربها قد أنيطت به منذ اليوم يد لا يزال الشباب يجري في عروقها؛ وحتى الهنود الأمريكيون الذين ظل حق الأمومة سائداً فيهم لم يرتفع عنهم قط، كانوا يعاملون نساءهم معاملة خشنة ويكلفونهن بأقذر الأعمال، وغالباً ما ينادونهن بلفظ الكلاب (٤٦) وحياة المرأة في كل مكان على وجه الأرض كانت تقوم بثمن أرخص من ثمن الرجل، وإذا ولد الأمهات بنات، فلا تقام الأفراح التي تقام عند ولادة البنين حتى أن الأمهات أحياناً ليقتلن بناتهن الوليدات ليخلصنهن من الشقاء؛ والزوجات في فيجي يشتريهن الرجال كما يشاءون، وغالباً ما يكون الثمن المدفوع بندقية (٤٧)، وفي بعض القبائل لا ينام الرجل وزوجته في مكان واحد خشية أن يضعف نفس المرأة من قوة الرجل، بل إن أهل فيجي لا يرون من المناسب أن ينام الرجل في بيته كل ليلة، وفي كالدونيا الجديدة تنام المرأة في حظيرة بينما ينام الرجل في الدار، وفي فيجي كذلك يسمح للكلاب بالدخول في بعض المعابد، أما النساء فحرام عليهن دخول المعابد إطلاقاً (٤٨) وهذا الإقصاء للمرأة عن المجتمعات الدينية موجود في الإسلام حتى يومنا هذا، نعم إن المرأة