الفقهاء هم الذين صاغوا صكوك عبوديتهم، أو صادروا ممتلكاتهم في مقابل الضرائب، فوضعوا هناك أيضاً محرقة تلتهم الوثائق، وأشعلوا النيران في المباني حتى أتت عليها. وقوض السجن في نيوجيت كما دمر الأسطول. وانظم المسجونون السعداء إلى الغوغاء، وألح التعب على الجموع من الجهود المضنية التي بذلتها لتجمع انتقام قرن كامل في يوم واحد فرقدت في ظاهر المدينة ونامت.
وفي المساء رأى مجلس الملك أن يسمح له بالحديث مع تيلر وهو خير من الرفض على كل حال. وأرسل دعوة إلى تيلر وأتباعه لمقابلة رتشارد في الصباح التالي في ضاحية شمالية تُعرف بـ"مايل اند". وبعد بزوغ الفجر من اليوم الرابع عشر من يونية، ركب الملك، وكان في الرابعة عشرة من عمره، إنقاذاً لحياته، فخرج من القلعة يصحبه جميع مستشاريه ما عدا سدبري وهيلز الذين خافا أن تتعرض حياتهما للخطر. وشقت الجماعة الصغيرة طريقها وسط الجماهير المعادية إلى مايل اند، حيث تجمع الثائرون من اسكس، وتبعهم فريق من جيش كنت على رأسه تيلر الذي أدهشه استعداد رتشارد للاستجابة لجميع المطالب. وهي أن تلغى العبودية في كل أنحاء إنجلترا، وتزول جميع الأعباء والخدمات الإقطاعية، وتحدد قيمة إيجار العقار كما طلب المؤجرون، ويعلن عفو عن جميع الذين اشتركوا في الثورة. وبادر ثلاثون من الكتاب في صياغة مواثيق الحرية والعفو لجميع المناطق التي ثار أهلوها. وبيد أن الملك رفض مطلباً واحداً، وهو أن يسلم للشعب وزراءه وغيرهم من الخونة. وأجاب رتشارد بأن جميع الأشخاص المتهمين بإساءة استعمال السلطة سيحاكمون طبقاً للإجراءات التي ينظمها القانون، ويعاقبون إذا ثبت أدانتهم.
ولما لم يقنع تيلر بهذه الإجابة، ركب في فرقة مختارة من رجاله واتجهوا مسرعين إلى القلعة فوجدوا سدبري يرتل القداس في الكنيسة. فسحبوه