يسكنها نصف مليون من البشر، وتراه يدهش لقصر من قصورها كانت فيه غرفة بنيت كلها من العاج؛ "إنها من الثراء والجمال بحيث يكاد يستحيل أن تجد لها ضريباً في أي مكان آخر"(٦٦).
ولما تزوج "فيروز شاه" سلطان دلهي من ابنة ملك "فيجاياناجار" في عاصمة هذا الأخير، فرشت الطرقات لمسافة ستة أميال بالمخمل والحرير ورقائق الذهب وغير ذلك من المواد النفيسة (٦٧)، لكن أذكر مع ذلك أن كل رحالة كذاب.
وإذا ما نفذت ببصرك وراء هذا الستار من الغنى، وجدت شعباً من عبيد وفعلة يعيشون في مسبغة وخرافة، ويخضعون لتشريع اصطنع القسوة الوحشية ليصون بين الناس ضرباً منشوداً من ضروب الأخلاق التجارية، فكان العقاب يتراوح بين قطع الأيدي أو الأقدام وقذف المذنب إلى الفيلة وجذ رأسه ووضعه حياً على قضيب مدبب ينفذ خلال معدته، أو تعليقه على مشبك من أسفل ذقنه وتركه هكذا حتى يموت (٦٨)، وهذه العقوبة الأخيرة كانت تنزل بالمغتصب أو بالسارق الذي يمعن في سرقته؛ وكان البغاء مسموحاً به، تنظمه القوانين بحيث تجعل منه مورداً من موارد العرش، ويقول (عبد الرزاق) إنه رأى "أمام دار السكة ديوان عميد المدينة الذي قيل عنه أنه يهيمن على اثني عشر ألفاً من رجال الشرطة، الذين تدفع لهم رواتبهم … مما يجبى من مواخير البغاء، وإنه لمما يعز على الوصف تصوير فخامة هذه الدور وجمال آهلاتها من الفاتكات بالقلوب، وما لهن من فتنة الحديث وحلاوة الغزل"(٦٩)، وقد كان للمرأة عندهم منزلة دنيا، وكان عليها أن تقتل نفسها عند وفاة زوجها، فكانوا يتركونها أحياناً تلقي بنفسها حية في القبر (٧٠).
وازدهر الأدب في عصر "ملوك الرايا"- أي ملوك فيجاياناجار-