أخضعوا أمراء الإقطاع للدولة. وأنشأوا محكمة وإدارة قويتين، بموظفين مدنيين مدربين، واستدعوا للاجتماع في مناسبات مجالس مقاطعات أو مجالس عامة وكانت في الأصل تجمعاً عاماً لأصحاب المقاطعات، ثم أصبحت مجلساً استشارياً يتألف من مندوبين عن النبلاء ورجال الدين، والطبقة الوسطى. وأعجبي أوربا كلها بالبلاط الفرنسي، حيث اختلط الأمراء والنبلاء والفرسان الأقوياء بالنساء ذوات الأردية الحريرية، في الحفلات الطريفة، والمجون الرشيق، والمبارزات الصاخبة في برجاس لامع، ببريق الفروسية، ولقد وصف جون ملك بوهيميا باريس بأنها "أعظم مقر للفروسية في العالم" وجاهر بأنه لا يستطيع أن يعيش خارجها. أما بترارك الذي زارها عام ١٣٣١ فكان وصفه إياها أقل خيالاً: قال: "إن باريس مدينة عظيمة من غير شك ولو أنها دائماً أقل من شهرتها، وتدين كثيراً لأكاذيب أهلها عنها، والحق أنني لم أشهد مكاناً أقذر منها سوى افينيون. وتضم في الوقت نفسه أعلم الرجال، وهي كالسلة العظيمة تجمع فيها، أندر الثمرات في العالم. ولقد مر على الفرنسيين حين من الدهر، وصفوا فيه بأنهم برابرة لشراستهم. أما الآن، فقد تغير الحال تماماً. فإنهم يمتازون بمزاج مرح، وحب للمجتمعات، وسهولة وتلاعب في الحديث .. وهم ينتهزون كل فرصة لإظهار امتيازهم، وشن الحرب على جميع الأعباء بالتندر والضحك، والغناء والأكل والشراب.
وخلف، فيليب الرابع، لابنه عام ١٣١٤ خزانة خاوية أو تكاد على الرغم من مصادرته التي تشبه القرصنة لأموال الداوية واليهود، ومات لويس العاشر بعد حكم قصير (١٣١٦) ولم يخلف وريثاً للعرش، وإنما خلف زوجة حاملاً. وما هي إلا فترة حتى توج أخوه باسم فيليب الخامس. وظهر فريق منافس يطالب بالعرش لابنته لويس جان، البالغة من العمر أربع سنوات، ولكن مجلساً من النبلاء ورجال الدين أصدر عام ١٣١٦