وأمسك شارل السادس بأزمة الحكم في يديه عام ١٣٨٨، وحكم أربع سنوات، حكماً صالحاً، فاستحق بذلك لقب "المحبوب" ولكنه جن في عام ١٣٩٢. فلم يعد يعرف زوجته، وطلب إلى المرأة الغريبة عنه. أن تمسك عن توسلاتها. وسرعان ما انفض جميع الناس من حولهِ ولم يكترث به سوى أحط الخدم. ولبث خمسة أشهر لا يبدل ثيابه، ولما رؤى أخيراً أن يغتسل احتاج الأمر إلى اثني عشر رجلاً للتغلب على مقاومتهِ، ولبس تاج فرنسا ثلاثين سنة، أبله يرثى له، بينما تأهب ملك إنجليزي شاب شهم لغزو فرنسا من جديد.
ولقد أبحر هنري الخامس من إنجلترا في الحادي من أغسطس عام ١٤١٥، في ألف وثلاثمائة سفينة، وإحدى عشر ألف رجل. فوضعوا مراسيهم في الرابع عشر بالقرب من هارفلير، عند مصب نهر السين. وقاومت هارفلير ببسالة، ولكن بلا جدوى. وسار الإنجليز، تغمرهم العزة بالنصر، ويسرع بهم داء الزرب إلى كاليه. والتقى بهم فرسان فرنسا في اجنكورت، بجوار كريسي (٢٥ أكتوبر). وكأنما لم يتعلم الفرنسيون شيئاً من معركتي كريسي، وبواتييه، إذ ظلوا يعتمدون على الفرسان. ولم يستطع أكثر أفراسهم الحركة بسبب الأحوال، أما الذين استطاعوا التقدم، فقد واجهوا الأوتاد المسننة، التي غرسها الإنجليز، على زاوية الأرض، حول حملة القسى. فارتدت الخيل المتحيرة، وحملت على جيشها، ونزل الإنجليز على هذا الحشد المضطرب، بالقضبان الفؤوس، والسيوف، وقادهم مليكهم هال، ببسالة، وتوتر شديد من الخوف، وكان انتصارهم مذهلاً. ويقدر المؤرخون الفرنسيون، خسائر الإنجليز بألف وستمائة رجل، وخسائر الفرنسيين بعشرة آلاف رجل.
وعاد هنري إلى فرنسا عام ١٤١٧، وحاصر روين وأكل المواطنون ما ادخروه من طعام، ثم التهموا جيادهم، وكلابهم وقططهم. وألقى بالنساء