ولكنه قتل من أجل المتعة أيضاً و (لقد أنبئنا) أنه كان يضحك على صياح مرتليه المعذبين أو المحتضرين. واتبع هذا النهج أربع عشر سنة، حتى اجترأ، والد أحد ضحاياه، باتهامه، فاعترف بهذه التفاصيل كلها، وشنق عام ١٤٤٠ ولولا أنه أساء إلى دوق بريتاني، لما اقتص منه، ذلك لأن الرجال من طبقته قلما كانوا يقدمون إلى ساحة القضاء، مهما كامن جرائمهم ومع ذلك، فإن الأرستقراطية التي ينتمي إليها، كثيراً ما أخرجت الأبطال أمثال الملك جون صاحب بوهيميا، أو جاستون فيوبس دي فوا، الذي أحبه فرواسارت وأثنى عليه. وفي هذه الأوحال الأزهار الأخيرة للفروسية.
وأسهمت أخلاق الشعب في هذا الانحلال. فأصبحت القسوة والخيانة والفساد أمراضاً متوطنة. وكان السوقي والحاكم سواء في قبول الرشوة. وانتشر المجون، وشكا الوزير جرسون من أن أقدس الأعياد تنفق في لعب الورق (١) والميسر والتجديف في الرين. وكان المحتالون والمزيفون واللصوص والصعاليك والشحاذون يسدون الطرقات بالنهار، ويجتمعون بالليل ليستمتعوا بحصادهم، في باريس، في ساحات المعجزات، التي سميت كذلك لأن المتسولين الذين يبدون في المظهر مقعدين، يظهرون هناك فجأة وكل عضو من أعضاء جسمهم في صحة مذهلة.
وفشا اللواط، وشاعت الدعارة، وكاد المجون يصبح عاماً. ودعت فرقة "الآدميين" في القرن الرابع عشر، إلى مذهب العري، وظلت تمارسه علناً إلى أن منعته محاكم التفتيش. وكانت الصور الفاحشة المخلة بالآداب، رائجة كما هي الآن، ويروي جرسون، أنها كانت تباع حتى في الكنائس وأيام الأعياد الدينية. ونظم شعراء مثل ديشان قصائد غرامية
(١) ربما دخل لعب الورق إلى أوربا في القرن الرابع عشر، وأول رواية محققة عنه كانت عام ١٣٧٩.؟ ويبدو أنها جاءت عن طريق المسلمين عبر أفريقيا وأسبانيا والصليبيين. ويزعم الصينيون أنهم مارسوه مبكراً عام ١١٢٠.