وبناء المنازل والهياكل والمدارس، وتربية الناشئين والتجارة بالفائض عن حاجتهم ويشكون النظام الاجتماعي باعتباره أقوى وسيلة للدفاع والبقاء. وسنتأمل لحظة أوربا الوسطى باعتبارها وحدة على هذا الأساس.
فقد كان الشغل الشاغل للإنسان في اسكنديناوه، أن يقهر البرد، وفي هولنده أن يتغلب على البحر، وفي ألمانيا الغابات وفي النمسا الجبال، وتوقف مصير الزراعة وهي أساس الحياة على مدى الانتصارات. وما ـن جاء عام ١٣٠٠ حتى كانت دورات المحاصيل قد أصبحت عامة في أوربا مضاعفة غلة الأرض. ولكن سكان أوربا الوسطى بين عامي ١٣٤٧، ١٣٨١، قد هلكوا بالطاعون، فعطل موت الفلس خصوبة الأرض. ولقد فقدت ستراسبورج في عام واحد ١٤. ٠٠٠ نسمة وكراكاً و٢٠. ٠٠٠ وبرسلو ٣٠. ٠٠٠. ولبثت مناجم "هارز" بلا عمال قرناً من الزمان. وواصل الناس الأعمال القديمة معتمدين على صبر الحيوان الأعجم، في حفر الأرض وحرثها. وتوسعت السويد وألمانيا في استخراج الحديد والنحاس، كما كان الغ يستخرج من آخن ودرتمند من سكسونياه والقصدير من هارز والفضة من السويد والبترول والذهب من كارنثيا وترانسلفانيا.
وعمل هذا الفيض من المعادن على تغذية الصناعة النامية التي غدت بدورها تجارة رائجة. وكانت ألمانيا إماماً في التعديل فأصبحت بطبيعة الحال، رائدة في علم المعاد. وظهرت أفران صهر المعادن هنالك في القرن الرابع عشر، فغير تشغيل المعدن بمساعدة المطرقة المائية والطاحونة الدوارة وغدت نورمبرج، عاصمة تجار الحديد واشتهرت بموقعها وأجراسها. وجعلت التجارة والصناعة نورمبرج واجزبرج ومنير وسبير وكلونيا، ومدنا ذوات حكومة مستقلة تقريباً. وبوأت أنهار الرين ومين ولش والدانوب، مدن ألمانيا الجنوبية، وكان الصدارة في المواصلات البرية، مع إيطاليا والشرق. ونشأت بيوت تجارية ومالية، لها أسواق وعملاء إلى مدى بعيد، على طول