جميلاً مغروراً وكريماً محبوباً وقاسياً في بعض الأحيان وثقف لغات متعددة وكلف بالأدب لا يفضل عليه سوى النساء والسلطان. وربما مهدت نياته الطيبة له موضعاً صغيراً في جهنم، ولكن شجاعته كانت تخونه في الأزمات. ولقد حول مخلصاً أن يصلح مساوئ الحكومة الألمانية ويقضي على أسباب ضعفها، وأصدر بعض القوانين الصالحة، ونفذ قليل منها، بيد أن الناخبين أحبطوا مساعيه، باستقلالهم الذاتي ومحافظتهم على ما ألفوه وعدم رغبتهم في الإسهام بنصيبهم في نفقات صد هجمات الترك المتقدمين. وأوقف في أعماله الأخيرة ماله ونشاطه على محاربة الهوسيين في بوهيميا. ولما توفي (١٤٣٧) بكت أوربا فيه، رجلاً كان يمثل التقدم الأوربي فترة من الزمن وإن أخفق في لك شيء إلا الكرامة.
ولقد أوصى شارل الناخبين في بوهيميا والمجر وألمانيا أن يختاروا زوج ابنته، ألبرت أمير هبسبورج. ونعم ألبرت الثاني بالتيجان الثلاثة، ولكنه مات بالدوسنطاريا قبل أن تتفتح قدراته، وفي حملة ضد الأتراك (١٤٤٠). ولم يخلف ابناً، ولكن الناخبين، اختاروا للتاجين الملكي والإمبراطوري، شخصاً آخر من آل هبسبورج هو فريدريك أمير ستيريا، ومنذ ذاك وقع اختيارهم مراراً على أمير من آل هبسبورج، حتى أصبح السلطان الإمبراطوري في واقع أمره، ملكاً وراثياً، في هذه الأسرة الموهوبة الطموح. وجعل فريدريك الثالث، النمسا، دوقية كبرى، واتخذ آل هبسبورج فينا عاصمة لهم، وأصبح المفروض أن يكون ولي العهد، هو الدوق الأكبر للنمسا، ودخلت الصفة الوراثية في الأخلاق النمساوية والفيناوية كمقوم نسائي رشيق يمتزج بخشونة الشمال المذكرة في نفس التيوتونية.