عرضه لمحكمة التفتيش. واتبع ديونيس الأريوفاغيظ (١) وجوهانز سكوتس ارجينا، فجهد للتعبير عن حسه الغلاب بباله موجود في كل مكان. وهذا الإله غير المحدود، لم يتصوّره إيكهارت، شخصاً أو روحاً، ولكنه وحدة مطلقة خالصة … هوة بلا كيفية ولا شكل، للإله الصامت الواسع … حيث لا يرى قط خلاف، لا أب ولا ابن ولا روح القدس، حيث لا يوجد واحد في داره، ولكن حيث تكون جذوة النفس في سلام أكثر مما تكون مع نفسها. ولا يوجد بصفة أساسية سوى هذا الإله الذي لا شكل له … "الله هو كل شيء، وكل شيء هو الله. إن الأب ينجيني بلا توقف، فأكون ابنه. وأنا أقول أكثر من ذلك: إنه يُنْجِبُ في ذاتهِ، وفي ذاته ينجبني. والعين التي أرى بها الله هي العين ذاتها التي أرى الله بها … وعيني وعين الله عين واحدة".
وفي كل فرد قطعة من الله، وعن طريقها تستطيع الاتصال به مباشرة وتستطيع أن تكون ذاته. لا عن طريق شعيرة الكنيسة، ولا حتى عن طريق الكتاب المقدس، ولكن عن طريق هذا الوعي الكوني وحده تستطيع النفس أن تقترب وأن ترى الله. وكلما تجرد الفرد من أغراضه الذاتية والدنيوية، كلما أصبحت هذه الجذوة الإلهية أكثر شفافية وأحد بصراً حتى يكون الله والنفس واحد آخر الأمر، و "نتحول كلية إلى الله". فليست الجنة والأعراف والجحيم أماكن، ولكنها أحوال النفس .. فالافتراق عن الله هو الجحيم، والاتحاد معه هو الفردوس. واشتم كبير أساقفة كلونيا من هذه الأقوال رائحة الهرطقة، فدعا إيكهارت للمحاكمة (١٣٢٦) فأكد الرجل صحة محافظته على العقيدة واقترح أن يحكم على أقواله باعتبارها مبالغات أدبية، ومع ذلك فقد أدانه الأسقف. فاستأنف الراهب الحكم إلى